المحرم سنة إحدى وثمانين، وقيل: سنة ثلاث وثمانين، وقيل: سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين، بالمدينة، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والي المدينة يومئذ، ودفن بالبقيع، وقيل: إنه خرج إلى الطائف هاربًا من ابن الزبير، فمات هناك، وقيل إنه مات ببلاد أَيْلة، وتعتقد الفرقة الكَيْسانية إمامته، وأنه مقيم بجبل رَضْوى وإلى ذلك أشار كثير عزة بقوله، من جملة أبيات وكان كيْسَاني الاعتقاد:
تغَيَّب لا يُرى فيهم زمانًا ... برضوى، عنده عسلٌ وماء
وأول هذه الأبيات:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
عليٌّ والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط وليس بهم خفاء
وسبطٌ لا يذوق الموت حتى ... يقول الخيل يَقْدُمُه اللواء
وكان المختار بن عُبيد الثقفيّ يدعو الناس إلى إمامة محمد بن الحنفية، ويزعم أنه المهديّ، وقال الجوهري في كتاب "الصحاح" كَيْسان لقب المختار المذكور، وقال غيره: كيسان مولى علي، رضي الله عنه، والكيسانية يزعمون أنه مقيم برضوى في شِعبٍ منه، ولم يمت، دخل إليه ومعه أربعون من أصحابه، ولم يوقف لهم على خبر، وهم أحياء يرزقون، ويقولون: إنه مقيم في هذا الجبل بين أسد ونمر، وعنده عينان نضاختان تجريان عسلًا وماءً، وأنه يرجع إلى الدنيا فيملأها عدلًا، وانتقلت إمامته إلى ولده أبي هاشم عبد الله، ومنه إلى محمد بن عليّ والد السَّفَّاح والمنصور، ويقال: إن له ولدًا اسمه الهَيْثَم.
وكان مُوَخَّذًا عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يقدر أن يدخله، والأخيذ في اللغة الأسير، ووالأُخْذة، بضم الهمزة، رُقْيَةٌ كالسحر، فكأنه كان مسحورًا. كان محمد، رضي الله عنه، يخضب بالحناء والكتَم، وكان يتختم في اليسار، وله أخبار مشهورة. ورضَوى، بفتح الراء بعدها