رواية شاذة، على أنه اختلف في حديث ابن عباس أيضًا، فرواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس موقوفًا، ولا يرتاب أحد من المحدِّثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس, لأن حديث ابن عمر جاء بإسناد وصف بكونه أصح الأسانيد، واتفق عليه عن ابن عمر غيرُ واحد من الحفّاظ، منهم نافع وسالم، بخلاف حديث ابن عباس، فلم يأت مرفوعًا إلا من رواية جابر بن زيد عنه، حتى قال الأصيليّ: إنه شيخ بَصري لا يعرف. كذا قال وهو معروف موصوف بالفقه عند الأئمة. واحتج بعضهم بقول عطاء: إن القطع فساد، والله لا يحب الفساد. وأجيب بأن الإِفساد إنما يكون فيما نهى الشارع عنه، لا فيما أَذِن فيه.
وقال ابن الجَوزيّ: يُحمل الأمر بالقطع على الإباحة، لا على الاشتراط عملًا بالحديثين، ولا يخفى تكلُّفه. واستدل بعضهم بالقياس على السراويل، وأجيب بأن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار، والحكم في السراويل المشار إليها، هو أنه قد مر في حديث ابن عباس "من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل للمحرم" أي: هذا الحكم للمحرم لا الحلال، فلا يتوقف جواز لُبسه السراويل على فقد الإزار.
قال القرطبيّ: أخذ بظاهر هذا الحديث أحمدُ، فأجاز لُبْس الخف والسراويل للمحرم الذي لا يجد النعلين والإِزار علي حالهما، واشترط الجمهور قطع الخف، وفتق السراويل، فلو لبس شيئاً منهما على حاله، لزمته الفدية. والدليل لهم قوله في حديث ابن عمر "وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" يعني: وَقِيْسَ السراويلُ على الخفِ في التغيير عن حاله الأصْلَّي. وقال في "الفتح": الأصح عند الشافعية والأكثر، جوازُ لبس السراويل بغير فتق، كقول أحمد، واشترط الفتق محمد بن الحسن وإمامُ الحرمين وطائفة.
وعن أبي حنيفة منع السراويل للمحرم مطلقًا، ومثله عن مالك، وكأن