بالوجه أولًا ما هو أعم من المفروض والمسنون، بدليل أنه أعاد ذكره ثانيًا بعد ذكر المضمضة والاستنشاق بغرفة مستقلة.
وقوله:"ثم مسح برأسه" لم يذكر له غرفة مستقلة، فقد يتمسك به مَنْ يقول بطهورية الماء المستعمل، لكن في رواية أبي داود:"ثم قبض قبضة من الماء، ثم نفض يده، ثم مسح رأسه" زاد النسائي: "وأذنيه مرة واحدة" ومن طريق ابن عجلان: "باطنهما بالسبّابتين، وظاهرهما بإبهاميه" زاد ابن خُزيمة من هذا الوجه: "وأدخل أصبعيه فيهما".
قلت: رواية أبي داود لا تنفي ما أخذ من رواية البخاري من طهورية الماء المستعمل، لإِمكان أنه عليه الصلاة والسلام فعل كلاًّ منهما مرة.
وقوله:"فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها" المراد بالرش هنا سكب الماء قليلًا قليلًا إلى أن صدق عليه مسمى الغسل، بدليل قوله:"حتى غسلها" فإنه صريح في أنه لم يكتف بالرش.
وأما ما وقع عند أبي داود والحاكم:"فرش على رجله اليمنى وفيها النعل، ثم مسحهما بيديه يد فوق القدم ويد تحت النعل" فالمراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو، وقد صح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يتوضأ في النعل كما سيأتي عند المصنف من حديث ابن عمر، وأما قوله:"تحت النعل" فإن لم يحمل على التجوز عن القدم فهي رواية شاذة، وراويها هشام بن سعد لا يُحتج بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟ وإنما عبّر بالرش تنبيهًا على الاحتزاز عن الإسراف, لأن الرجل مظنته في الغسل.
وقوله:"فغسل بها رجله" يعني اليسرى، وفي رواية أبي ذر والوقت:"فغسل بها يعني رجله اليسرى" وقائل يعني هو زيد بن أسلم، أو مَنْ هو دونه من الرواة.
وقوله:"هكذا رأيتُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتوضأ" حكاية حال ماضية، وفي رواية ابن عساكر:"توضأ".
واستدل ابن بطّال بهذا الحديث على أن الماء المستعمل طهور, لأن