اللُّقِيِّ، أدرك الناس لم يُتهم بلون من الألوان، لم يلتبس بشيء، أحْسَنَ ملكَ نفسه ولسانه ولم يطلقه على أحد فسلم حتى مات. وقال ابن المبارك: دخلت البصرة فما رأيت أحدًا أشبه بمسالك الأول من حمّاد بن سلمة. وقال أبو عمر الجَرْميّ: ما رأيت فقيهًا أفصح من عبد الوارث، وكان حمّاد بن سلمة أفصح منه. وقال شهاب بن المُعَمّر البَلْخِي: كان حمّاد بن سلمة يُعد من الأبدال، وعلامة الأبدال أن لا يُولد لهم، تزوج سبعين امرأة فلم يُولد له، وقال عفّان: قد رأيت مَنْ هو أعبد من حمّاد بن سلمة، ولكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حمّاد بن سلمة. وقال ابن مَهْدي: لو قيل لحمّاد بن سلمة: إنك تموت غدًا ما قدر أن يزيد في العمل شيئًا.
وقال ابن حِبّان: كان من العُبّاد المجابي الدعوة في الأوقات، ولم ينصَفْ من جانب حديثه، واحتج في كتابه بأبي بكر بن عَيّاش، فإن كان تركه إياه لما كان يخطىء فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثُر حتى تغير، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عَيّاش موجودًا، ولم يكن من أقران حمّاد بن سلمة بالبصرة مثله في الفضل والدين والنسك والعلم والكتب والمجمع والصلابة في السنة والقمع لأهل البدع.
وأورد له ابن عَدِيّ في "الكامل" عدة أحاديث انفرد بها إسنادًا ومتنًا، وقال: حمّاد من أجلة المسلمين، وهو مفتي البصرة، وقد حدّث عنه مَنْ هو أكبر منه سنًّا, وله أحاديث كثيرة، وأصناف كثيرة، ومشايخ، وهو كما قال ابن المديني: مَنْ تكلّم في حمّاد بن سلمة فاتَّهِمُوه في الدين.
وقال السّاجيّ: كان حافظًا ثقة مأمونًا. وقال ابن سَعْد: كان ثقة كثير الحديث، وربما حدث بالحديث المنكر. وقال العِجْلي: ثقة رجل صالح حسن الحديث. وقال: إن عنده ألف حديث حسن ليس عند غيره. وسُئل النسائي عنه فقال: ثقة. قال الحاكم ابن مَسْعَدة: فكلمته، فقال: ومَنْ يجترىء يتكلم فيه لم يكن عند القطان هناك؟ وقال عفان: اختلف أصحابنا في سعيد بن أبي عَروبة وحمّاد بن سلمة، فصرنا إلى خالد بن الحارث، فسألناه، فقال: حمّاد