قال: إن عمارًا، ولم يقل: عن عمار، واعتراض ابن الصلاح التفرقة بينهما من مجرد اللفظ، قائلا: إن الحكم على الرواية الثانية بالإِرسال ليس من جهة تعبير ابن الحنفية بـ "أن"، بل من جهة أنه لم يسند الحكاية فيها إلى عمار بل إلى نفسه، مع أنه لم يدرك مروره بخلافه في الأولى، فإنه أسنده فيها إليه، فكانت متصلة. وقال العراقي: الصواب أن من أدرك ما رواه من قصة، وإن لم يعلم أنه شاهدها، يُحكم له بالوصل، بشرط السلامة من التدليس، سواء قال في روايته: قال، أو عن، أو أن، صحابيًا كان راويه أو تابعيًا، وإن لم يدرك ذلك، فهو مرسل صحابي، أو تابعي، أو منقطع، إن لم يسنده إلى من رواه عنه، وإلا فمتصل، وما حكي عن الإِمام أحمد بن حنبل من أن قول عُروة إن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله! وقوله: عن عائشة كذا ليسا سواء يحمل على هذا، فيقال: إن عروة في اللفظ الأول لم يسند ذلك إلى عائشة، ولا أدرك القصة فكانت مرسلة. وفي الثاني أسنده إليها بالعنعنة؛ فكانت متصلة، ومرجِلُّ قول يَعْقوب ابن شَيْبة عليه. وإلى هذا أشار العراقي بقوله متصلًا بقوله المار:
يُحْكَمْ له بالوَصْلِ كَيْفَما رَوَى ... بِقَال ياو عَنْ أو بِأَنَّ فَسَوا
ومَا حُكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنبل ... وَقَوْلَ يعقوب على ذا نَزِّل
استعمال "عن" في الإِجازة:
قال ابن الصلاح: وقد كثر في زمنه بعد الخمس مئة بين المحدثين استعمال "عن" فيما روي بالإِجازة فإذا قال الراوي: قرأت على فلان، عن فلان، حُمل على أنه رواه بالإِجازة، ومع ذلك فيه نوع من الاتصال،