قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لابن مسعود بمكة وهو يرعى الغنم:"إنك لغلامٌ معلّم"، وعلى هذا فقول أنس:"وغلام منّا" أي: من الصحابة أو من خدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
وأما رواية الإسماعيلي التي فيها:"من الأنصار" فلعلها من تصرف الراوي، حيث رأى في الرواية "منا"، فحملها على القبيلة، فرواها بالمعنى، فقال:"من الأنصار"، أو إطلاق الأنصار على جميع الصحابة سائغ، وإن كان العرف خَصَّه بالأوس والخزرج.
وقيل: الغلام أبو هُريرة، لما رواه أبو داود عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في ركوة، فاستنجى، فيمكن أن يفسر به الغلام المذكور في حديث أنس. ويؤيده ما رواه المصنف في ذكر الجن عن أبي هريرة أنه كان يحمل مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الإداوة لوضوئه وحاجته. لكن يبعده أن إسلام أبي هُريرة بعد بلوغ أنس، وأبو هُريرة كبير، فكيف يقول أنس كما مرّ لمسلم:"وغلامٌ نحوي" أي: مقارب لي في السن.
وعند مسلم في حديث جابر الطويل في آخر الكتاب أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم انطلق لحاجته. فاتّبعه جابر بإداوة، فيحتمل أن يفسر به المبهم، ولاسيما وهو أنصاري.
ووقع عند الإسماعيلي عن شُعبة:"فاتَّبعتُه وأنا غلامٌ" بتقديم الواو، فتكون حالية، لكن تعقبه الإسماعيلي بأن الصحيح:"أنا وغلام" أي: بواو العطف.
وقوله:"معنا إِداوة" بسكون العين وفتحها، وبكسر الهمزة في الإداوة، وهي إناء صغير من جلد كالسطحية مملوءة ماء.
وقوله:"يعني: يستنجي به" قائل يعني هو هشام، أي: يعني أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستنجي بالماء. وقد تعقب الأصيلي البخاري في