قال: أحسنها سياقًا الطريق التي أخرجها البخاري، لكن في النفس منه شيء لكثرة الاختلاف فيه على أبي إسحاق. وأُجيب بأن الاختلاف على الحفاظ لا يوجب الاضطراب إلاَّ مع استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّم، ومع الاستواء لابد أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين، وهنا يظهر عدم استواء وجوه الاختلاف على أبي إسحاق فيه, لأن الروايات المختلفة عنه لا يخلو إسناد منها عن مقال غير طريقة زهير وإسرائيل، مع أنه يمكن رد أكثر الطرق إلى رواية زهير، وقد ترجحت رواية زهير هذه عند المؤلف بمتابعة يوسف حفيد أبي إسحاق، وتابعهما شَريك القاضي، وزكرياء بن أبي زائدة، وغيرهما. وتابع أبا إسحاق على روايته عن عبد الرحمن المذكورة ليث بن أبي سُليم، وحديثه يستشهد به، أخرجه ابن أبي شيبة. ومما يرجِّحها أيضًا استحضار أبي إسحاق لطريق أبي عبيدة، وعدوله عنها، بخلاف رواية إسرائيل عنه عن أبي عبيدة، فإنه لم يتعرض فيها لرواية عبد الرحمن، كما أخرجه الترمذي وغيره، فلما اختار في رواية زهير طريق عبد الرحمن على طريق أبي عُبيدة، دل على أنه عارف بالطريقين، وأن رواية عبد الرحمن عنده أرجح، ولم أر مَن، وصل هذا التعليق.
ورجال هذه المتابعة أربعة:
الأول: إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبيعيّ الهَمْداني الكوفي.
روى عن: أبيه، وجده أبي إسحاق، وعبد الجبار الشِّبامي بكسر المعجمة.
وروى عنه: أبو كُريب، وشَريح بن سَلَمة، وإسحاق بن منصور السَّلولي، وغيرهم.
ذكره ابن حِبان في "الثقات"، وقال الدّارقطني: ثقة. وقال أبو حاتم: حسن الحديث، يكتب حديثه. وقال ابن عدي: ليس بمنكر الحديث. وقال ابن المديني: ليس هو كأقوى ما يكون. وهذا تضعيف نسبي. وقال الجُوزْجاني: ضعيف. قال ابن حجر: وهو إطلاق مردود. وقال النسائي: ليس بالقوي.