أجارت"، فسألته زينب أن يردَّ عليه ما أُخذ منه ففعل، وأمرها أن لا يقربَها، ومضى أبو العاص إلى مكة، فأدى الحقوق لأهلها، ورجع فأسلم في المحرم سنة سبع، فرد عليه زينب بالنكاح الأول، وقيل: بعقد جديد. ووَلَدَتْ من أبي العاص عليًّا مات وقد ناهز الاحتلام، وأُمامة وعاشت وتزوجها علي بعد فاطمة عليها السلام.
توفيت زينب في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة ثمان من الهجرة، وكان سبب موتها أنها لما خرجت من مكة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عدلها هبّار بن الأسود ورجل آخر، فدفعها أحدهما، فسقطت وأهراقت الدماء، فلم يزل بها مرضها حتى ماتت سنة ثمان من الهجرة، وكان زوجها محبًّا لها، وأنشد في بعض أسفاره بالشام
وأما أم كلثوم، فقد اختلف فيها هل هي أصغر أو فاطمة، تزوجها عُتبة بن أبي لهب قبل البعثة، فلم يدخل عليها حتى بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأمره أبوه بفراقها، ثم تزوجها عُثمان بن عفان بعد موت أختها سنة ثلاث من الهجرة، وتوفيت عنده أيضًا سنة تسع، ولم تلد له.
وقيل: كان عُتبة وعُتَيْبة ابنا أبي لهب تزوجّا رُقية وأم كلثوم ابنتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}[المسد: ١] قال أبو لهب: رأسي بين رؤوسكما حرام إن لم تطلّقا ابنتي محمد. وقالت لهما أمهما حمالة الحطب: إن رقية وأم كلثوم صَبتا فطلِّقاهما، فطلقاهما قبل الدخول.
قال ابن حجر: هذا أولى مما ذكر أوّلًا من كون ولدي أبي لهب تزوجا رُقية وأم كلثوم قبل البعثة, لأن ابن عبد البر نقل الاتفاق على أن زينب أكبر البنات، ومر في ترجمتها أنها وُلدت قبل البعثة بعشر سنين، فإذا كانت كبرهن بهذا السنن, فكيف تزَوّج من هو أصغر منها؟ نعم، إن ثبت ذلك يكون عقدًا لنكاح إلى حين يحصل التأهل، فوقع الفراق قبله.