بمعنى في، كأنه قال: حتى توضأ الذين هم في آخرهم. وأنس داخل فيهم إذا قلنا: يدخل المخاطِب -بكسر الطاء- في عموم خطابه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا، وهو مذهب الجمهور.
وقال النووي:"من" هنا بمعنى إلى، وهي لغة، وإن كانت شاذة، وعليه يمكن أن يقال عند زائدة.
وقد قال ابن بطّال: إن حديث نبع الماء هذا شهده جمع من الصحابة، إلا أنه لم يُرو إلا عن أنس، وذلك لطول عمره، ولطلب الناس علو السند.
وقال القاضي عياص: هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات، عن الجم الغفير، عن الكافة متصلًا، عن جملة من الصحابة، بل لم يُؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك، فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته، فبين كلاميهما تفاوت كبير.
وأخرج مسلم في أواخر الكتاب في حديث طويل فيه:"إن الماء الذي أحضروه له كان قطرة في إناء من جلد، لو أفرغها لشربها يابس الإِناء، وإنه لم يجد في الركب قطرة ماء غيرها، قال: فأخذه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتكلم وغمز بيده. ثم قال: نادِ بجَفْنَة الركب، فجيء بها، فقال بيده في الجفنة، فبسطها، ثم فرق أصابعه، ووضع تلك القطرة في قعر الجفنة، فقال: خذ يا جابر، فصُبَّ عليَّ وقُل بسم الله، ففعلت، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، ثم فارت الجفنة، ودارت حتى امتلأت، فأتى الناس، فاستقوا حتى رووا، فرفع يده من الجفنة وهي ملأى" وهذه القصة أبلغ من جميع الروايات، لاشتمالها على قلة الماء وعلى كثرة من استقى منه.
وفي رواية لقتادة:"قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاث مئة أو زُهاء ثلاث مئة وعند الإسماعيلي "ثلاث مئة" بالجزم بدون زهاء.
وفي الحديث دلالة على أن المواساة مشروعة عند الضرورة لمن كان في مائه فضل عن وضوئه. وفيه أن اغتراف المتوضىء من الماء القليل لا يصيّر الماء