وقوله:"يتوضأ به" أي: بالماء الباقي عن الكلب، وهو جواب إذا الشرطية. وفي رواية أبي ذر:"حتى يتوضأ بها" أي: بالبقية، وفي رواية:"منه".
جمع المصنف في هذا الباب بين مسألتين، وهما: حكم شعر الآدمي، وسؤر الكلب، فذكر الترجمة الأولى وأثرها معها، ثم ثَنّى بالثانية وأثرها معها، ثم رجع إلى دليل الأولى من الحديث المرفوع، ثم ثنى بأدلة الثانية.
وهذا الأثر رواه الوليد بن مُسلم في "مصنفه" عن الأوزاعي وغيره عنه. وأخرجه ابن عبد البَر في "التمهيد" من طريقه بسند صحيح.
والزُّهري مر تعريفه في الحديث الثالث من بدء الوحي.
وقال سفيان هذا الفقه بعينه يقول الله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا وهذا ماء وفي النفس منه شيء يتوضأ به ويتيمم.
فسمى الثوري الأخذ بدلالة العموم فقهًا، وهي التي تضمنها قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[المائدة: ٦] لكونها نكرة في سياق النفي، فتعم، ولا تُخَصّ إلا بدليل، وتنجيس الماء بولوغ الكلب فيه غير متفق عليه بين أهل العلم.
وقال: إن في نفسه منه شيئًا لعدم ظهور دلالته، أو لوجود معارض له من القرآن، أو غيره، فيتوضأ به حينئذ، ويتيمم؛ لأن الماء الذي يُشَكُّ فيه لأجل اختلاف العلماء كالعدم، فَيحتاط للعبادة.
وتعقبه الإسماعيلي بأن اشتراطه في جواز التوضُّؤ به إذا لم يجد غيره يدل على تنجيسه عنده, لأن الطاهر يجوز التوضُّؤ به مع وجود غيره.
وأجيب بأن المراد أن استعمال غيره مما لم يُختلف فيه أولى، فأما إذا لم يجد غيره فلا يعدِلُ عنه وهو يعتقد طهارته إلى التيمم.
وقد تُعقِّب أيضًا بأنه يلزم من استعماله أن يكون جسده الطاهر بلا شك مشكوكًا في طهارته باستعماله له.
وقال بعض الأئمة: الأوْلى أن يُراق ذلك الماء ثم يتيمم.