لا ضرر فيه, لأن المأمور بقتله كالخنزير لا يجوز أن يُقَوّى ليزداد ضرره. وكذا قال النووي: إن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم، وهو ما لم يؤمر بقتله، فيحصل الثواب بسقيه، ويلتحق به إطعامه وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه. وقال ابن التين: لا يمتنع إجراؤه على عمومه، يعني: فيُسقى ثم يُقتل؛ لأنا أُمرنا أن نحسن القتلة، ونُهينا عن المُثلة.
قلت: والأمر بقتل الكلاب عمومًا قد ورد نسخه فلا يُستدل به على خصوصية الحديث.
واستدل بالحديث على طهارة سؤر الكلب، وظاهر البخاري الاستدلال به على ذلك؛ لأن ظاهر الحديث أنه سقى الكلب فيه، ولم يذكر أنه غسله.
وأما قول من قال: إنه يحتمل أن يكون صبه في شيء فسقاه، أو غسل خفه بعد ذلك، أو لم يلبسه بعد ذلك، فكلها احتمالات في غاية البعد, لأنها كلها تجويزية عقلية لا يحتجُّ بها، فمن أين له وهو مسافر في فلاة كما مر بشيء يصب فيه الماء، وهو لم يجد ما يأخذه فيه إلا خفه.
ورُدَّ أيضًا على من استدل به بأنه فعل بعض الناس، ولا يُدرى هل هو كان ممن يُقتدى به أم لا؟ وبأن الاستدلال به مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا، وفيه اختلاف، ولو قلنا به لكان محله فيما لم ينسخ. ورُدَّ هذا بأناّ لم نحتجَّ بمجرد الفعل المذكور، بل إذا فرغنا على أن شرع من قبلنا شرع لنا، فإنا لا نأخذ بكل ما ورد عنهم، بل إذا ساقه إمامنا مساق المدح إن علم ولم يقيده بقيد صح الاستدلال به.
وفيه جواز السفر منفردًا وبغير زاد، ومحل ذلك في شرعنا ما لم يَخَفْ على نفسه الهلاك.
وفيه الحث على الإحسان على الناس, لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب، فسقي المسلم أعظم أجرًا.