وقوله:"ما لم يُحدث" أي: ما لم يأت يحدث، وما مصدرية ظرفية، أي: مدة دوام عدم الحدث، والمراد به ما خرج من السبيلين، لكن يؤخذ منه أن اجتناب حدث اليد واللسان من باب الأولى, لأن الأذى منهما يكون أشد كما قال ابن بطّال.
وفي رواية عند المصنف في الجماعة "إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يُحدِث، اللَّهم اغفِر له، اللَّهمَّ ارحمه، لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة".
وقوله:"لا يمنعه" يقتضي أنه إذا صرف نيته عن ذلك صارف آخر، انقطع عنه الثواب المذكور، وكذا إذا شارك الانتظار أمر آخر، ودعاء الملائكة مطابق لقوله تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}[الشورى: ٥]، قيل: السر فيه أنهم يطّلعون على أفعال بني آدم وما فيها من المعصية والخلل في الطاعة، فيقتصرون على الاستغفار لهم من ذلك, لأن دفع المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة، ولو فرض أن فيهم من تحفظ من ذلك، فإنه يعوَّض من المغفرة بما يقابلها من الثواب. واستدل به على أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال وذلك بصلاة الملائكة عليه ودعائهم له بالرحمة والمغفرة والتوبة، كما في رواية ابن ماجه.
وعلى تفضيل صالحي الناس على الملائكة, لأنهم يكونون في تحصيل الدرجات بعباداتهم، والملائكة مشغولون بالاستغفار والدعاء لهم.
وقوله:"رجل أعجمي" أي: غير فصيح بالعربية، كان عربي الأصل أم لا، ويحتمل أن يكون هذا الأعجمي هو الحضرمي الذي تقدم ذكره في باب: لا تقبل صلاة بغير طهور.
وقوله:"قال: الصوت" كذا فسره، ويؤيده الزيادة المذكورة في رواية أبي داود وغيره، حيث قال:"لا وضوء إلا من صوتٍ أو ريح"، فكانه قال: لا وضوء إلا من ضراط أو فُساء، وإنما خصها بالذكر دون ما هو أشد منهما لكونهما لا