وقد مرَّ في باب السمر في العلم جميع فوائد هذا الحديث مستوفاة عند ذكره هناك.
وقوله:"فصلّى رَكْعتين ثم ركعتين ... إلخ" ومجموع ما صلى اثنتا عشرة ركعة، وهو يقيد المطلق في قوله في باب التخفيف:"ثمَّ صلى ما شاء الله".
وقوله:"ثم أوتَرَ" يعني: بواحدة، أو بثلاث كما قيل بكلٌّ، فقد أخرج البخاري عن القاسم، عن عبد الله ببن عُمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"فإذا أردتَ أن تنصرف فاركع ركعةً تُوتر لك ما صلَّيت"، قال القاسم: ورأينا أناسًا منذ أدركنا يوترون بثلاثٍ، وإن كلاًّ لواسع، وأرجو أن لا يكون بشيء منه بأس.
وفي قوله:"فإذا أردت أن تنصرف" ردٌّ لقول من ادّعى أن الوتر بواحدة مختص بمن خشي طلوع الفجر, لأنه علقه بإرادة الانصراف، وهو أعم من أن يكون لخشية طلوع الفجر أو غير ذلك، وما جاء في حديث ابن عُمر:"فإذا خشي أحدكم الصّبح صلى ركعة واحدة" محمول على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر.
وقول القاسم:"يوتِرون بثلاث ... إلخ" يقتضي أن القاسم فهم من قوله: "فاركَعْ ركعةً" أي: منفردة منفصلة، ودل ذلك على أن لا فرق عنده بين الوصل والفصل.
واستُدل بقوله في حديث ابن عمر:"صلِّ ركعة واحدة"، على أن فصل الوتر أفضل من وصله، وتُعُقِّب بأنه ليس صريحًا في الفصل فيُحتمل أن يريد بقوله:"صلِّ ركعة واحدة" أي: مضافة إلى ركعتين مما مضى.
واحتجَّ بعض الحنفية لما ذهب إليه من تعيين الوصل والاقتصار على ثلاث بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسنٌ جائز، واختلفوا فيما عداه. قال: فأخذنا بما أجمعوا عليه، وتركنا ما اختلفوا فيه.
وتعقَّبه محمد بن نصر المَرْوَزي بما رواه عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا: "لا