للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، المقتضى تكرار الطهارة به، كضَرُوب لمن يتكرر منه الضرب. وأجيب بتكرر الطهارة به فيما يتردد على المحل دون المنفصل، جمعًا بين الدليلين. ولا يخفى بعد هذا الجواب؛ لأن الطهارة لا تُسمّى طهارة إلا بعد الكمال، فما دام الماء مترددًا على العضو لا يُوصف بأنه قد طَهُر.

والأصح عند الشافعية أن المستعمل في نفل الطهارة طَهور على الجديد.

وَأمَر جَريرُ بنُ عَبدِ اللهِ أَهْلَهُ أنْ يَتَوَضَّؤوا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ.

وفي بعض طرقه: "كان جرير يستاك ويغمِس رأس سواكه في الماء، ثم يقول لأهله: توضؤوا بفضله، لا يرى به بأسًا" وهذه الرواية مبينة للمراد.

وظن ابن التين وغيره أن المراد بفضل سواكه الماء الذي ينتقع فيه العود من الأراك وغيره ليلين، فقالوا: يُحمل على أنه لم يغيِّر الماء، وإنما أراد البخاري أن صنيعه ذلك لا يغيّر الماء، وكذلك مجرد الاستعمال لا يغير الماء، فلا يمتنع التطهر به.

وقد صححه الدّارقُطني بلفظ: "كان يقول لأهله توضؤوا من هذا الذي أُدخل فيه سواكي"، ورُوي مرفوعًا أخرجه الدارقطني عن أنس "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بفضل سواكه"، وسنده ضعيف. وذكر أبو طالب عن أحمد أنه سأله عن معنى هذا الحديث، فقال: كان يُدخل السواك في الإناء ويستاك، فإذا فرغ توضأ من ذلك.

وقد استشكل إيراد البخاري له في هذا الباب المعقود لطهارة الماء المستعمل، وأجيب بأنه ثبت أن: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للربِّ"، علقه البخاري ووصله النسائي وأحمد وابن حِبان عن عائشة، وابن خُزيمة فهذا خالط الماء، ثم حصل الوضوء بذلك الماء كان فيه استعمال للمستَعْمل في الطهارة، أو يقال: إن المراد من فضل السواك هو الماء الذي في الظرف، والمتوضىء

<<  <  ج: ص:  >  >>