وعلى القول بأن الماء المأخوذ ما فضل في الإناء بعد فراغه عليه الصلاة والسلام، فالماء طاهر، مع ما حصل له من التشريف والبركة بوضع يده المباركة فيه.
وفي رواية تأتي للمصنف عن عَوْن، عن أبيه:"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قُبة حمراء من أدم، ورأيت بلالاً أخذ وَضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء فمن أصاب منه شيئًا تمسَّح به، ومن لم يُصبْ منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه". وفي رواية:"إن الوضوء الذي ابَتَدَرَه الناس كان فضل الماء الذي توضأ به النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وفي مسلم ما يُشعر بأن ذلك كان بعد خروجه من مكة، بقوله:"ثم لم يَزَلْ يصلّي رَكْعتين حتّى رجَع إلى المدينة"، وفي رواية:"وخرجَ في حُلة حمراء مشمرًا"، وفي رواية:"كأني أنظُر إلى وَبيص ساقيه".
وقوله:"وبين يديه عَنَزَة" بفتحات، أقصر من الرُّمح، وأطول من العَصَى، وفيها زَجٌ كَزَج الرمح.
وقد روى عمر بن شَبَّة في أخبار المدينة:"أن النجاشي أهدى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حَرْبة، فأمسكها لنفسه، فهي التي يمشي بها مع الإِمام يوم العيد".
وعن الليث أنه بلغه "أن العَنَزَة التي كانت بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت لرجل من المشركين، فقتله الزُّبير بن العوام يوم أحد، فأخذها منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان ينصبها بين يديه إذا صلى".
ويحتمل الجمع بأن عَنَزة الزبير كانت أولًا قبل حربة النجاشي.
وقوله:"صلّى الظهر رَكعتين والعصر رَكعتين"، قال النووي: يُستفاد منه أنه علبه الصلاة والسلام جمع حينئذٍ بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، ويُحتمل أن يكون قوله:"العصرَ رَكعتين" أي: بعد دخول وقتها.
وفي الحديث من الفوائد التماس البركة مما لامسه الصالحون، خلافًا لزنادقة الخوارج الذين لا يلتمسون البركة من نبي ولا صالح، ولا يعتقدونها في