بكل لون، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعًا بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقًا ظاهرًا فوق الثياب، لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا، فإن مراعاة زِيّ الزمان من المروءة ما لم يكن إثمًا، وفي مخالفة الزَّي ضربٌ من الشهرة.
قال في "الفتح": وهذا يمكن أن يخلُص منه قول ثامن، والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار، فالقول فيه كالقول في المِيثرة الحمراء.
قلت: والكلام فيها طويل، يأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.
وإن كان من أجل أنه من زي النساء، فهو راجع على الزجر عن التشبيه بالنساء، فيكون النهي عنه لا لذاته وإن كان من أجل الشهرة أو خَرْم المروءة فيُمنع حيث يقع ذلك، وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت، فكرهه في المحافل دون البيوت.
والمِيثرة التي وقع التشبيه بها هي بكسر الميم وسكون التحتانية، وفتح المثلثة بعدها راء ولا همز فيها، وأصلها من الِوثارة أو الوِثرة -بكسر الواو وسكون المثلثة- والوَثير هو الفراش الوطىء، وامرأةَ وَثيرة كثيرة اللحم، كانت النساء تصنعه لبعولتهن مثل القطائف يصفّونها.
وقال الزبيدي: المِيثرة مرفقة كصفة السرج. وقال الطبري: هو وطاء يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير، كانت النساء تصنعه لأزواجبن من الأرجوان الأحمر، ومن الديباج، وكانت مراكب العجم وقيل: هي أغشية للسروج من الحرير. وقيل: هي سروج من الديباج حكاهما في "المشارق". وقيل: المِيْثرة جلود السباع. وقال النووي: إن هذا التفسير باطل. قال فى "الفتح": ليس بباطل، بل يمكن توجيهه، وهو ما إذا كانت المِيْثرة وطاء صُنعت من جلد، ثم حُشيت، والنهي حينئذ عنها إما لأنها من زي الكفار، وإما لأنها لا تعمل فيها الذّكاة، أو لأنها لا تُذكّى غالبًا، فتكون فيه حجة لمن منع لبس ذلك، ولو دبغ.
لكن الجمهور على خلافه، وإن الجلد يطهر بالدباغ، وقد اختلف في الشَّعر