تجويز منه بمجرد العقل، والرجوع إلى النقل في باب النقل أولى.
وقوله:"كانوا يقتتلون على وَضوئه" أي: بفتح الواو، "وكانوا" لأبي ذر، وللباقين:"كادوا" بالدال، وهو الصواب؛ لأنهم لم يقع بينهم قتال، ويمكن أن يكون أطلق القتال مبالغة، وإنما حكى ذلك عروة بن مسعود الثَّقَفي لما رجع إلى قريش ليُعْلِمَهم شدة تعظيم الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهذا التعليق أخرجه البخاري موصولًا في كتاب الشروط في باب الشروط في الجهاد، وهو حديث طويل.
وعروة المراد به عُروة بن الزبير، وقد مرَّ تعريفه في الحديث الثاني من بدء الوحي.
والمِسْوَر -بكسر الميم- هو ابن مَخْرمة بن نَوْفل بن أُهَيْب بن زُهرة بن كِلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤي القُرشي الزُّهري يُكْنى أبا عبد الرحمن، وأمه عاتكة بنت عَوْف أخت عبد الرحمن بن عَوْف، أسلمت وهاجرت، وقيل: أمه الشِّفاء بنت عَوْف أخته أيضاً.
ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به أبوه المدينة في ذي الحجة سنة ثمان، وهو أصغر من ابن الزبير بأربعة أشهر، وقُبضَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن ثمان سنين، ووقع في بعض طرق حديثه في خطبة علي بنت أبي جهل عند مسلم:"سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مُحتلم". وهذا يدُلُّ على أنه ولد قبل الهجرة، ولكنهم أطبقوا على أنه وُلد بعدها، وتأوَّلوا أن قوله:"محتلم" من الحِلْم -بالكسر- لا من الحُلْم -بالضم- يريد أنه كان عاقلًا ضابطًا لما يتحمله.
كان يلزم عمر بن الخطاب، وكان من أهل الفضل، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن بن عَوْف مقبلًا ومدبرًا في أمر الشّورى، وبقي بالمدينة إلى أن قُتل عثمان، ثم نزل مكة. ويقال: إنه كان لفضله ودينه وحسن رأيه تغشاه الخوارج وتعظمه وتنتحل رأيه، وقد برّأه الله منهم.