يوم الجمل بسهم فقتله، ثم شهر السيف في طلب الخلافة، حتى جرى ما جرى.
فأما قتل طلحة فكان متأولًا فيه، وأما ما بعد ذلك فإنما حمل عنه سهل بن سعد، وعروة، وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في "صحيحه" لما كان أميرًا على المدينة قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزُّبير ما بدا. وقد اعتمد مالك على حديثه ورأيه، والجماعة سوى مسلم.
شهد الجمل مع عائشة، ثم صفين مع معاوية، ثم ولي أمر المدينة لمعاوية لما صار إليه الأمر جمع له معها مكة والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سعيد بن أبي العاص، فأقام عليها أميرًا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله وولّى الوليد بن عُتبة، فلم يزل واليًا على المدينة حتى مات معاوية وولي يزيد، فلما كفَّ الوليد بن عُتبة عن الحسين وابن الزُّبير في شأن البيعة ليزيد، وكان الوليد رحيمًا حليمًا سربًّا، عزله وولّى يزيدُ عمرو بن سعيد الأشدق، ثم عزله ورجع الوليد بن عتبة، ثم عزله وولّى عثمان بن محمد بن أبي سفيان عليهما ثم لما مات وولي ابنه أبو ليلى معاوية ابن يزيد، وذلك سنة أربع وستين، وعاش بعد أبيه أربعين ليلة، ومات وهو ابن إحدى وعشرين سنة من قُرحة يقال لها: السكتة، وكانت أمه أُم خالد بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة، وقالت له: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى، وقال: لا يكون لي مرُّها، ولكم حلوها. وثب مروان حينئذٍ عليها، وأنشد:
ثم التقى هو والضحاك بن قيس في مرج راهط على أميال من دمشق، فقتل الضحاك، وكان مروان قد تزوج أم خالد بن يزيد ليضع منه، فوقع بينه وبين خالد يومًا كلام، فقال له مروان وأغلظ عليه في القول: اسكت يا ابن الرطبة. فقال له خالد: مؤتمن خائن. فندم مروان، وقال ما أدّى الأمانة إذا اؤتمن. ثم دخل