"أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن نمسح على الخُفَّين إذا نحن أدخلناهما على طهر، ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا" قال ابن خُزيمة: ذكرته للمزني فقال: حدِّث به أصحابنا، فإنه أقوى حجة للشافعي. وحديث صفوان وإن كان صحيحًا فإنه ليس على شرط البخاري، لكن حديث الباب موافق له في الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس.
وأشار المُزَني بما قال إلى الخلاف في المسألة، ومحصله أن الجمهور حملوا الطهارة على الشرعية في الوضوء، وخالفهم داود، فقال: إذا لم يكن على رجليه نجاسة عند اللبس جاز له المسح.
ولو تيمم ثم لبسهما لم يُبَح له المسح عند الجمهور؛ لأن التيمم مبيح لا رافع، وخالفهم أصبغ.
ولو غسل رِجليه بنية الوضوء ثم لبسهما، ثم أكمل باقي الأعضاء لم يُبَحِ المسح عند من قال بإيجاب الترتيب، وكذا عند من لا يوجبه بناء على أن الطهارة لا تتبعَّض، لكن قال صاحب "الهداية" من الحنفية: شرط إباحة المسح لبسهما على طهارة كاملة، قال: والمراد بالكاملة وقت الحدث لا وقت اللبس، ففي هذه الصورة إذا أكمل الوضوء ثم أحدث جاز له المسح؛ لأنه وقت الحدث كان على طهارة كاملة. والحديث حجة عليه؛ لأنه جعل الطهارة قبل لبس الخف شرطًا لجواز المسح، والمعلق بشرط لا يصح إلاَّ بوجود ذلك الشرط، وقد سُلِّم أن المراد بالطهارة الكاملة. وتعقبه العيني بما يظهر بطلانه من نظره.
ولو توضأ مرتبًا، وغسل إحدى رجليه فلَبِس، ثم غسل الثانية فلبِس لم يُبَح له المسح عند الأكثر، إلاَّ أن ينزع الأولى من مقرِّها ثم يدخلها فيه. وأجازه الثوريُّ، والكوفيّون، والمُزني صاحب الشافعي، ومطرِّف صاحب مالك، وابن المُنذر، وغيرهم لصدق أنه أدخل كلاًّ من رجليه الخفين وهي طاهرة.
وتعُقِّبَ بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة.
واستضعفه ابن دقيق العيد بأن الاحتمال باق، قال: لكن إن ضُمَّ إليه دليل