فقالت: عبد الله. فقلت: إن الناس يقولون: عتيق. قالت: إن أبا قُحافة كان له ثلاثة أولاد، فسمّى واحدًا عتيقًا، والثاني مُعْتَقًا، والثالث عُتَيْقًا بالتصغير.
وسمي الصِّدّيق لبداره إلى تصديق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل ما جاء به -صلى الله عليه وسلم-. وقيل: بل قيل له: الصديق، لتصديقه له في خبر الإسراء.
ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠] , فإن المراد بصاحبه أبو بكر بلا نزاع، إذ لا يُعترض بأنه لم يتعيّن لأن عبد الله بن أبي بكر وعامر بن فُهيرة وعبد الله بن أُرَيْقط الدليل كانوا معهما، لأنه لم يصحبه في الغار إلاَّ أبو بكر، فإن عبد الله بن أبي بكر كان يتردّد عليهما بما وقع بعدهما، من الأخبار بمكة، وكان عامر يقوم بغذائهما من الشياه، والدليل لم يصحبهما إلاَّ من الغار وكان على دين قومه مع ذلك كما في نفس الخبر، وقد قيل: إنه أسلم بعد ذلك.
وثبت في "الصحيحين" من حديث أنس أن أبا بكر الصديق حدثه قال: قلت للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ونحن بالغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصَرَنا تحتَ قدميه. فقال:"يا أبا بكر: ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما". وعن أبي أمامة الباهلي، قال عمرو بن عَبْسة: أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو نازلٌ بعُكاظ، فقلت: يا رسول الله: مَنْ اتَّبعك على هذا الأمر؟ قال:"حر وعبد، أبو بكر وبلال". فأسلمت عند ذلك.
وروي عن الشعبي أنه قال: قلت لابن عباس أو سُئل: أيٌّ الناس كان أول إسلامًا؟ قال: أما سمعت قول حسان:
إذا تذكَّرْتَ شجوًا من أخي ثقةٍ ... فاذكُر أخاكَ أبا بكرٍ بما فَعَلا
خيرَ البريةِ أتقاها وأعدَلَها ... بعد النَّبيِّ وأوفاها بما حَملا
والثّاني التاليَ المحمودَ مشهدُهُ ... وأوّلَ الناس ممّن صدَّق الرُّسُلا
وثانيَ اثنينِ في الغارِ المنيفِ وَقَدْ ... طافَ العدوُّ به إذ صَعَّدوا الجبلا