واحدة من ثلاث: إما أن تَدعوني فألحق بالثغور، وإما أن تَدَعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تَدَعوني فأذهب من حيث جئت. فقبل ذلك عُمر بن سعد، وكتب بذلك إلى عبيد الله، فكتب إليه عبيد الله: لا ولا كرامة، حتى يضع يده في يدي. فقال الحسين: لا والله لا يكون ذلك أبدًا، فقاتله، فقتل أصحابه كلهم، وفيهم بضعة عشر شابًّا من أهل بيته، ويجيء سهم فيقع بابن له صغير في حجره، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم دَعَوْنا لينصُرونا ثم يقتلوننا، ثم أمر بسراويل حَبِرة، فشقها ثم لبسها، ثم خرج بسيفه، فقاتل حتى قُتل، قتله رجل من مِذْحج وحزَّ رأسه فانطلق به إلى عبيد الله بن زياد، فَوَفَده إلى يزيد ومعه الرأس، فوُضع بين يديه.
وسَرَّح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد الله، ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين إلاَّ غلام، وكان مريضًا مع النساء، فأمر به عُبيد الله ليقتل، فطرحت زينب بنت الحسين بن علي نفسها عليه، وقالت: لا يُقتل حتى تقتلوني. فتركه، ثم جهَّزهم وحملهم إلى يزيد، فلما قدموا عليه، جمع من كان بحضرته من أهل الشام، ثم أدخلوا عليه فهنؤوه بالفتح، فقالى رجل منهم أحمر أزرق، ونظر إلى وصيفة من بناتهم، فقال: يا أمير المؤمنين: هب لي هذه. فقالت زينب: لا والله، ولا كرامة لك ولا له إلاَّ أن يخرج من دين الله، فأعادها الأزرق، فقال له يزيد: كفَّ. ثم أدخلهم إلى عياله، فجهَّزهم، وحملهم إلى المدينة، فلما دخلوا خرجت امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها، وأضعة كفها على رأسها، تتلقاهم وتبكي وتقول: