-صلى الله عليه وسلم- عن الفأرة تقع في السمن، فقال:"إذا كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه". وأخرجه ابن حِبان بلفظ:"إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وكلوه، وإن كان ذائبًا فلا تقربوه".
والتفرقة بين الجامد والمائع أخذ بها الجمهور، فقالوا: إن المائع يتنجس كله بملاقاة النجاسة، ويتعذر تطهيره، ويحرم أكله.
وخالف فريق منهم الزُّهري والأوزاعي، فسوَّوا بين الجامد والمائع.
وما أخرجه الطبراني عن أبي الدَّرداء -مرفوعًا- من التقييد في المأخوذ منه ثلاث غرفات بالكفين، سنده ضعيف، ولو ثبت لكان ظاهرًا في المائع.
وفي إحدى الروايتين عن أحمد: إن المائع إذا حلت فيه النجاسة لا ينجُس إلا بالتغيُّر، وهو اختيار البخاري وابن نافع من المالكية، وروي عن مالك.
وقد أخرج أحمد عن عِكْرمة أن ابن عباس سُئل عن فأرة ماتت في سمن، فقال: تُؤخذ الفأرة وما حولها. فقلت: إن أثرها كان في السمن كله. فقال: إنما كان وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت. ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه أحمد من وجه آخر، وقال فيه: عن جَرٍّ فيه زيت، وقع فيه جُرَذ، وفيه: أليس جال في الجرِّ كله؟ قال: إنما جال وفيه الروح، ثم استقر حيث مات.
وضابط المائع عند الجمهور أن يترادَّ بسرعة إذا أخذ منه شيىء.
واستُدل بقوله:"فماتت" على أن تأثيرها في المائع إنما يكون بموتها فيه، فلو وقعت فيه وخرجت بلا موت لم يضره.
ولم يقع في رواية مالك التقييد بالموت، فيلزم من لا يقول يحمل المطلق على المقيد أن يقول بالتأثير ولو خرجت وهي في الحياة، وقد التزمه ابن حزم، فخالف الجمهور.
واستدل به على أن الفأرة طاهرة العين. وأغرب ابن العربي فحكى عن الشافعي وأبي حنيفة أنها نجسة.