ليُبارزه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: متِّعنا بنفسك. كان عبد الرحمن من أشجع رجال قريش وأرماهم، تأخر إسلامه إلى الهدنة، ثم أسلم وحسُن إسلامه، وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، خرج في فتية من قريش فيهم معاوية، هاجروا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الفتح، وقيل: إنما أسلم يوم الفتح.
قال الزبير بن بكار: كان رجلًا صالحًا، وكان فيه دعابة. وقال سعيد بن المسيِّب لم تجرَّب عليه كذبة قط. وقال ابن عبد البر: كان شجاعًا راميًا حسن الرمي، وشهد اليمامة، فقتل سبعة من أكابرهم، شهد له بذلك جماعة عند خالد بن الوليد، فيهم محكم اليمامة، وكان في ثلمة من الحصين، فرماه عبد الرحمن بسهم، فأصاب نحره، فقتله، ودخل المسلمون من تلك الثلمة. وشهد الجمل مع عائشة، وأخوه محمد مع علي.
نفَّله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ليلى ابنة الجُودي، وكان أبوها عربيًّا من غسان أمير دمشق، لأنه كان نزلها قبل الفتح في تجارة، فرأى ليلى ابنة الجُودي وحولها وَلائِد، فأعجبته وهام بها، وعمل فيها أشعارًا منها:
تذكَّرْتُ ليلَى والسَّماوة بينَنا .... فما لابنةِ الجُودِيِّ ليلى وما لِيا
وأنّى تُلاقيها بَلى ولعلَّها ... إن الناسُ جمُّوا قابلًا أن تُوافيا
فلما سمع الشعر، قال لأمير الجيش: إن ظفرت بها فادفعها لعبد الرحمن، ففعل، فعجب بها وآثرها على نسائه، فلامته عائشة على ذلك، فلم تفِد فيه، ثم إنه جفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت: أفرطت في الأمرين.
وأخرج البخاري: كان مروان بن الحكم على الحجاز استعمله مُعاوية، فخطب، فذكر يزيد بن معاوية لكي يُبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ...}[الأحقاف: ١٧]، فأنكرت عائشة ذلك من وراء الحجاب.
وأخرجه النسائي من وجه آخر، فقال مروان: سنة أبي بكر وعمر. فقال