من حديث جد بَهْز لم يجزم به، بل قال: ويُذكر عن معاوية بن حَيْدة، فعُرف من هذا أن مجرد جزمه بالتعليق لا يدُلُّ على صحة الإسناد إلاَّ إلى من علَّق عنه، وأما ما فوقه فلا يدُل.
والحديث وارد في كشف العورة، خلافًا لما قال البوني: إن المراد بقوله: "أحق أن يُسْتَحْيَى منه" أي: فلا يُعصى.
وقوله:"إلاَّ من زوجتك" دالٌّ على أنه يجوز لها النظر إلى ذلك منه، وقياسه أنه يجوز له النظر لذلك منها، إلا حلقة الدبر كما عند الدّارمي من الشافعية.
ويدُلُّ أيضًا على أنه لا يجوز النظر لغير من استُثني، ومنه: الرجل للرجل، والمرأة للمرأة. وفيه حديث في "صحيح" مسلم.
ثم إن ظاهر حديث بَهْز يدُلُّ على أن التعرّي في الخلوة غير جائز مطلقًا، لكن استدل المصنف على جوازه في الغُسْل بقصة موسى وأيوب عليهما الصلاة والسلام، ووجه الدلالة منه أنهما ممن أمرنا بالاقتداء بهم، وهذا إنما يتأتّى على رأي من يقول: شرع من قبلَنا شرعٌ لنا، ما لم يرد ناسخ. والذي يظهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصَّ القصتين ولم يتعقَّب شيئًا منهما، فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبيَّنَه، فعلى هذا يُجمع بين الحديثين يحمل حديث بَهْز بن حكيم على الأفضل، وإليه أشار في الترجمة، كما مر أنه مما لا خلاف فيه.
رجاله ثلاثة:
الأول: بَهْز بن حكيم بن مُعاوية بن حَيْدة أبو عبد الملك القُشَيْري. قال ابن قُتيبة: من خيار الناس. وقال ابن مَعين: ثقة. وقال أيضًا: إسناد صحيح إذا كان دون بَهْز ثقة. وقال ابن المديني والنّسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ يُكتب حديثه ولا يُحتج به. وقال أيضًا: عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده، أحب إلى. وقال أبو زُرعة: صالح، ولكنه ليس بالمشهور. وقال صالح جَزَرة: إسناد أعرابي. وقال الحاكم: كان من الثقات، ممن يُجمع حديثه، وإنما أُسقط من