وقوله:"فوضع ثوبه على حجر" ظاهره أنه دخل الماء عريانًا، وهو الذي يقتضيه تبويب المصنف. ونقل ابن الجوزي عن الحسن بن أبي بكر النيسابوري أن موسى نزل الماء مؤتزِرًا، فلما خرج تتبَّع الحجر والمئزَرُ مبتلٌّ بالماء، فعلموا أنه غير آدر؛ لأن الأُدْرة تَبِين تحت الثوب المبتَل.
قال في "الفتح": هذا وإن كان محتَمَلًا، المنقول يخالفه؛ لأن في رواية علي بن زيد عن أنس عند أحمد في هذا الحديث أن موسى كان إذا أراد أن يدخُل الماء، لم يُلْقِ ثوبه حتى يُواري عورته في الماء.
وهذا الحجر، قال سعيد بن جُبَيْر: هو الحجر الذي كان يحمله معه في أسفاره، فيتفجَّر منه الماء.
وقوله:"ففرَّ الحجر بثوبه، فخرج موسى في أَثَره" في رواية الكُشْميهني وأبي الوقت: فجَمَعٍ". وأثره -بكسر الهمزة وسكون المثلثة، وبفتحهما- أي: ذهب يجري مسرعاً بعده.
وقوله: "ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر" أي: ردَّ ثوبي، أو أعطني، فهو منصوب بفعل مقدر، ويحتمل أن يكون مرفوعًا خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا ثوبي، وعلى هذا الثاني، المعنى: استعظام كونه يأخذ ثويه، فعامله معاملة من لا يعلم كونه ثوبه، كي يرجِعَ عن فعله ويَرُدَّه.
وقوله: "ثوبي يا حجر" الثانية، ثابتة للأربعة، ولغيرهم: "ثوبي حجر" بحذف "يا"، وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل، لكونه فرَّ بثوبه، فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم الحيوان، فناداه، إذ المتحرِّك يمكن أن يَسْمَع ويُجيب، فلما لم يُعْطِه ضربه.
وقوله: "حتى نَظَرت بنو إِسرائيل إلى موسى" ظاهره أنهم رأوا جسده، وبه