وقوله:"غير أن لا تطوفي بالبيت" أي: غير أن تطوفي بالبيت، فلا زائدة، وإلا فغير عدم الطواف هو نفس الطواف، أو تطوفي مجزوم بلا، وأن مخففة من الثقيلة، وفيها ضمير الشأن، أي: لا تطوفي ما دُمتِ حائضًا. وفي الرواية الآتية زيادة:"حتى تَطَّهّري" بتشديد الطاء والهاء.
وقوله:"وضحّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر"، ولأبي ذر والحموي والمستملي:"بالبقرة".
ودل الحديث على أن طواف الحائض فاسد؛ لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد، وفي معنى الحائض الجُنُب والمحدِث كما هو قول الجمهور.
وذهب جمع من الكوفيين منهم أبو حنيفة وحماد ومنصور والحكم إلى عدم اشتراط الطهارة في الطواف، واختلف أصحاب أبي حنيفة في وجوبها وجبرانها بالدم.
وأما السعي فلم يذكر ابن المنذر عن أحد من السلف اشتراط الطهارة له إلا عن الحسن البصري، وحكى ذلك رواية عن الحنابلة، والذي عند المالكية أن الطهارة له مستحبة.
واستدلت المالكية القائلون بأن الضحية والهَدْي لا يُجزىء فيهما التشريك بظاهر هذه الرواية من قوله:"عن نسائه بالبقر" فإن البقر جمع، فالظاهر توزيعه على النساء، فيكون ضحّى عن كل واحدة ببقرة. وكذلك رواية مسلم بلفظ:"ضحّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر"، وعند النَّسائي التصريح بما أفهمته الروايتان عن عائشة من رواية عمّار الدُّهْنِي قالت:"ذبح عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حَجَجْنا بقرةً بقرةً". وأما رواية يونس عن الزهري عن عائشة أخرجها أبو داود والنسائي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نَحَر عن أزواجه بقرة واحدة. فقد قال القاضي إسماعيل: إن يونُس تفرَّدَ بها، وقد خالفه غيره.
وتمسك الشافعية وغيرهم بهذه الرواية, فأجازوا الاشتراك في الضحيّة والهدي، قائلين: إنها تفرُّد من ثقة حافظ، وقد تابعه مَعْمر عند النسائي بلفظ