مبالغة في وصفهِنَّ بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن، فغير الضابط أولى.
قوله:"قلن: وما نُقصان ديننا وعقلنا؟ " كأنه خَفِي عليهنَّ ذلك حتى سألن عنه، ونفس هذا السؤال دالٌّ على النقصان؛ لأنَّهُنَّ سلمن ما نُسِبَ إليهن من الأمور الثلاثة: الإكثار، والكُفران، والإذهاب، ثم استشكلن كونهن ناقصات.
وما ألطف ما أجابهن به -صلى الله عليه وسلم- من قوله:"أليس شهادة المرأة مثلُ نصفِ شهادة الرجل ... إلخ"، فأجابهن بما لا تعنيف فيه ولا لوم، بل خاطَبَهُنَّ على قَدْرِ عقولهن، وأشار بقوله:"مثل نصف شهادة الرجل" إلى قوله تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢]؛ لأن الاستظهار بأخرى مؤذِن بقلة ضبطها. وحملُ بعضِهم العَقْلَ هنا على الدِّية بعيد، وسياق الكلام يأباه.
وقوله:"فذلك من نقصان عقلها" بكسر الكاف خطابًا للواحدة التي تولَّت خطابه عليه الصلاة والسلام، فإن قيل: هو خطاب للإناث، والمعهود فيه فذلكُنَّ، أحيب بأنه قد عُهِدَ في خطاب المذكر الاستغناء بذلك عن ذلكم، قال الله تعالى:{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ}[البقرة: ٨٥]، فهذا مثله في المؤنث.
على أن بعض النحاة نقل لغة بأنه يَكْتفي بكاف مكسورة مفردة لكل مؤنث أو الخطاب لغير معين من النساء، ليعم الخطاب كلاًّ منهن على سبيل البدل، إشارة إلى أن حالتهن في النقص تناهت في الظهور إلى حيث يمتنع خفاؤها، فلا تختص به واحدة دون واحدة، فلا تختصُّ حينئذ بهذا الخطاب مخاطبة دون مخاطبة، ويجوز فتح الكاف على أنه للخطاب العام، ويؤخذ منه أنه لا يواجه بذلك الشخص المعين، ففي الشمول تسلية وتسهيل.
وقوله:"لم تصلِّ ولم تَصُم" أي: لِما قام بها من مانع الحيض، وفيه إشعار بأن منع الحائض من الصلاة والصوم كان ثابتًا بحُكم الشرع قبل ذلك المجلس.