وقال المهلّب: رُخِّص لها في التبخُّر به لدفع رائحة الدم عنها, لما تستقبله من الصلاة.
وقال في "الفتح": المقصود من التطيُّب بهما أن يُخلطا بأجزاء آخر من غيرهما، ثم تُسحق، فتصير طيبًا، والمقصود بهما هنا أن تُتَّبَع آثار الدم بهما، كما قال النووي، لإزالة الرائحة الكريهة لا للتطيب.
وزعم الداوودي أنها تسحق القُسْط، وتُلقيه في الماء آخر غسلها لتذهب رائحة الحيض. ورده عياض بأن ظاهر الحديث يأباه، وأنه لا تحصُل منه رائحة طيبة إلا بالتبخُّر به، كذا قال، وفيه نظر.
وقوله:"وكنا نُنهى عن اتِّباع الجنائز" في روايتها الآتية في الجنائز: "نُهينا عن اتِّباع الجنائز، ولم يُعْزَم علينا"، والنهي صادرٌ منه -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخرجه الإسماعيلي بهذا الإسناد بلفظ:"نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ولو لم يُسَمَّ الناهي في هذه الرواية, كان هذا اللفظ دالاًّ على الرفع، لما رواه الشيخان وغيرهما، أن كل ما وَرَدَ بهذه الصيغة كان مرفوعًا.
ويؤيد رواية الإسماعيلي ما رواه الطبراني عن أُم عطية، قالت:"لما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، جمع النساء في بيت، ثم بعث إلينا عمر، فقال: إني رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليكن لأبايعكن على أن لا تُشْرِكْنَ بالله شيئًا ... " الحديث. وفي آخره:"وأمرنا أن نخرج في العيد العواتق، ونهانا أن نخرج في جنازة" وهذا يدل على أن رواية أُم عطية الأولى من مرسل الصحابة.
والحديث قال على أن فضل اتِّباع الجنائز خاص بالرجال دون النساء، فقولها:"ولم يعزِم علينا" أي: ولم يؤكد علينا في المنع، كما أكد علينا في غيره من المنهيات، فكأنها قالت: كرِهَ لنا اتّباع الجنائز من غير تحريم.
قال القرطبي: ظاهر سياق أُم عطية أن النهي نهي تنزيه، وبه قال الجمهور.