الذي فيه الخلاف، وقال ما قال ليطيِّب قلوب أصحابه، إذ كانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحجِّ إليها، لإِرادتهم موافقته -صلى الله عليه وسلم-، أي: ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتُكُم به إلا سَوْقي الهدي، ولولاه لوافقتكم، وإنما كان الهدي علةً لانتفاء فسخ الحج إلى العمرة؛ لأن صاحب الهدي لا يحلُّ له التحلُّل حتى ينحره، ولا ينحره إلا يوم النحر، والمتمتِّع يتحلل من عمرته قبله، فيتنافيان.
وقوله:"حتى إذا كان ليلة الحَصْبة" أي: بالرفع على أن كان تامة، أي: وُجِدَت. وبالنصب على أنها ناقصة، واسمها الوقت.
وقوله:"مكانَ عمرتي" أي: التي تركتها، وقد مرَّ الجمع بين الروايات في الحديث الذي قبله.
وقوله:"قال هشام: ولم يكُن في شيء من ذلك هديٌ ولا صوم ولا صدقة". قال القُرطبي: أشكل ظاهر هذا الحديث من نفي الثلاثه، مع أن القارِن والمتمتِّع عليهما الدم. وأجاب القاضي عياض بأنها لم تكن قارِنة ولا مُتَمَتِّعة، لأنها أحرمت بالحجِّ، ثم نوت فَسْخَه في عُمرة، فلما حاضت ولمْ يتمَّ لها ذلك، رجعت إلى حجِّها، لتعذُّر أفعال العمرة، فأكملته، ثم أحرمت عُمرة مبتدأة، فلم يَجِبْ عليها هديٌ.
قال: وكأن عياضًا لم يسمع قولها: "كنت ممَّن أهلَّ بعُمرة"، ولا قوله -صلى الله عليه وسلم- لها:"طوافُك يسعُك لحجِّك وعُمرتك".
والجواب عن ذلك: أن هذا الكلام مُدْرَجٌ من قول هشام، كأنه نفى ذلك بحسب علمه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر، ويُحتمل أن يكون المراد عنده بقوله:"لم يكُن في ذلك هدي" أي: لم تتكلف له، بل قام بذلك عنها، لما ثبت عن عائشة:"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحّى عن نسائه بالبَقَر"، كما تقدم في أول الحيض، ولما رواه مسلم عن جابر:"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهدى عنها"، فيُحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- أهدى عنها من غير أن يأمُرَها بذلك، ولا أعلمها به.
وقد بيَّن البخاري في هذه الرواية بقوله:"وقال هشام ... إلخ"، أن هذا