للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصولهم المتَّفق عليها بينهم الأخذ بما دلَّ عليه القرآن، وردُّ ما زاد عليه من الحديث مطلقًا، ولهذا استفهمت عائشة معاذةَ استفهام إنكارٍ.

قلت: ومعنى أخذِهم بما دلَّ عليه القرآن، يعني: في زعمهم أنه دالٌّ عليه، كتكفيرهم لعلي رضي الله تعالى عنه، بأن حكم في دين الله تعالى، مستدلّين بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، لا أنهم يأخذون بما دلَّ عليه حقيقة؛ لأنهم لا يستنِدون في معاني القرآن إلا إلى عقولهم الفاسدة، فيبيحون ما أباحوا، ويحرِّمون ما حرَّموا، من غير دليل.

ومن أصولهم المتَّفق عليها بينهم، تكفير من فَعَلَ ما هو ذنبٌ في زعمهم من المسلمين، سواء كان ذنبًا حقيقيًّا أو غير حقيقي، كما فعلوا مع علي رضي الله تعالى عنه كما مرّ.

وزاد مسلم في رواية عاصم عن مُعاذة: "فقلت: لا، ولكني أسأل سؤالًا مجرّدًا لطلبِ العلمِ لا للتعنُّتِ". وفهمت عائشة عنها طلب الدليل، فاقتصرت في الجواب عليه دون التعليل.

والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرَّر، فلم يجِبْ قضاؤها للحرج، بخلاف الصيام. ولمن يقول بأن الحائض مخاطبة بالصيام أن يفرِّق بأنها لم تُخاطب بالصلاة أصلًا، وقيل: إن خطابها بقضائه بأمر جديدٍ لا بكونها خوطبت به أولًا.

وقوله: "فلا يأمُرُنا به"، أو قالت: "فلا نفعَلُه" كذا في هذا الرواية بالشك، وعند الإِسماعيلي من وجه آخر: "فلم نَكُنْ نقضي، ولم نُؤمر به".

والاستدلال بقولها: "فلم نكن نقضي" أوضح من الاستدلال بقولها: "فلم نُؤمر به"؛ لأن عدم الأمر بالقضاء هنا قد يُنازع في الاستدلال به على عدم الوجوب، لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء.

وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>