وكذلك أخرج النسائي عن طاووس أن ابن عمر كان يقول قريبًا من سنتين: إن الحائض لا تنفِرُ حتى يكون آخر عهدِها بالبيت ثم قال بعدُ: إنّه رُخِّص للنساء.
وروى ابن أبي شَيبة أن ابن عُمر كان يُقيم على الحائض سبعة أيام حتى تطوف طواف الوداع، قال الشافعي: كان ابن عُمر سمع الأمر بالوداع، ولم يسمع الرخصة أولًا، ثم بلغته الرخصة، فعمل بها.
وما رُوي عن ابن عمر من وقوله أولًا بوجوب التأخير لطواف الوداع، ورجوعه عن ذلك، رُوي عن زيد بن ثابت.
قال ابن المنذر: عامة الفقهاء بالأمصار ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع، ورَوَيْنا عن عمر بن الخطاب، وابن عُمر، وزيد بن ثابت، أنهم أمروها بالمُقام إذا كانت حائضًا لطواف الوداع، وكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة، إذ لو حاضت قبله لم يسقُط. قال: وقد ثبتَ رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر، فخالفناه، لثبوت حديث عائشة وأم سُلَيم وغيرهما بخلافه.
وأُسْند عن عمر بإسناد صحيح، عن ابن عمر قال: طافت امرأةٌ بالبيتِ يوم النَحَّر، ثم حاضت، فأمر عُمر بحبسِها بمكة بعد أن ينفِرَ الناس، حتى تطهُر وتطوف بالبيت.
وروى ابن أبي شَيبة عن القاسم بن محمد: كان الصحابة يقولون: إذا أفاضت المرأة قبل أن تحيضَ فقد فَرَغَت إلا عمر، فإنه كان يقول: يكون آخر عهدها بالبيت.
وقد روى أحمد، وأبو داود والنسّائي، والطحاوي عن الحارث بن عبداللُه بن أَوْس الثقفي، قال: أتيتُ عُمر، فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر، ثم تحيض، قال: ليكن آخر عهدها بالبيت. قال الحارث: فكذلك أفتاني. وفي رواية أبي داود: هكذا حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.