والتعليق المذكور وصله ابن أبي شَيْبة والدّارمي عن أنس بن سِيرين، أنه سأل ابن عبّاس عن المُسْتَحاضة، فقال: أما ما رأت الدمَ البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطُّهر ولو ساعةً فَلْتَغْتَسِل وتصلي.
وقوله:"ويأتيها زوجُها" أثر آخر عن ابن عباس، أخرجه عبد الرزاق وغيره عن عِكرمة عنه، قال: المُستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجُها. ولأبي داود من وجه آخر عن عِكرمة قال: كانت أم حبيبة تُستحاض، وكان زوجُها يَغْشاها. وهو حديث صحيح إن كان عِكْرمة سمعه منها.
وقوله:"إذا صلَّتْ" شرطٌ محذوف الجزاء، أي: إذا صلَّت تغتَسِل، وهو رأي البصريين، أو جزاؤه مقدَّم، وهو قوله:"تغتسل وتصلي" وهو رأي كوفي، والمعنى على قولهم:"إذا صلّت": أي: أرادت الصلاة، تغتسل وتصلي.
وقوله:"الصلاة أعظم" أي: من الجِماع.
وهذا بحث من البخاري، أراد بيان الملازمة، أي: إذا جازت الصلاة، فجواز الوطء أولى؛ لأن أمر الصلاة أعظم من أمر الجماع، ولذا عقَّبه بحديث عائشة المختصر من قصة بنت أبي حُبيش، المصرِّح بأمر المستحاضة بالصّلاة.
وأشار البخاريُّ بما ذكر إلى الردِّ على مَن مَنَعَ وطء المُستحاضة، وقد نقله ابن المُنذر عن إبراهيم النَخَعي، والحكم، والزُّهري، وغيرهم. وما استدل به على الجواز ظاهر فيه.
وذكر بعض الشراح أن قوله:"الصلاة أعظم" من بقية كلام ابن عباس، وعزاه إلى تخريج ابن أبي شَيْبة، وليس هو فيه، نعم: روى عبد الرزاق والدارمي عن سالم الأَفْطَس أنه سأل سعيد بن جُبير عن المُستحاضة: أتُجامع؟ قال: الصلاة أعظم من الجماع.