تعصي به الله، لا عند وسطها، لئلا يتذكر إن وقف عند وَسَطِها ما يشغَلُه أو يفسد صلاته، ولا يردُ على ذلك وقوفه عليه الصلاة والسلام عند وسط المرأة، لأنه معصوم، فلا يحصُل في حقه ما يحصُل في حق غيره. ويقف عند وسط الرجل محاذيًا فرجَه، لأنه أشد ما يعصي الله به.
وروى ابن غانم عن مالك أنه يقف عند وَسَط المرأة كالرجل.
وقال ابن شعبان: حيث وقف الإِمام من الرجل والمرأة جاز. وهذا الذي قال موافقٌ لما دَرجَ عليه البخاري في الجنائز حيث قال: باب: أين يقوم من الرجل والمرأة. فإنه أورد الترجمة مورد السؤال، وأراد عدم التفرقة بين الرجل والمرأة.
قال ابن بطّال: يُحتمل أن يكون البخاري قصد بهذه الترجمة أن النُّفساء وإن كانت لا تصلي لها حكم غيرها من النساء في طهارة العين، لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها. قال: وفيه ردٌّ على من زعم أن ابن آدم ينجُس بالموت؛ لأن النُّفساء جمعت الموت وحمل النجاسة بالدم اللازم لها، فلما لم يضرَّها ذلك، كان الميت الذي لا تسيلُ منه نجاسة أولى.
وتعقبه ابن المنير بأن هذا أجنبي عن مقصود البخاري. قال: وإنما قصد أنها وإن ورد أنها من الشهداء، فهي ممن يصلى عليها كغير الشهداء.
وتعقَّبه ابن رشيد بأنه أيضًا أجنبي عن أبواب الحيض، قال: وإنما أراد البخاري أن يستدِلَّ بلازم من لوازم الصلاة؛ لأن الصلاة اقتضت أن المستَقْبَلَ فيها يكون طاهرًا، فلما صلّى عليها إليها، لزِمَ من ذلك القول بطهارة عينها. وحكم النفساء والحائض واحد.
قال: ويدُلُّ على أن هذا مقصوده، إدخال حديث ميمونة في الباب، كما في رواية الأصيلي وغيره، وفي رواية أبي ذرٍّ قبل حديث ميمونة باب غير مترجم، وعادته في مثل ذلك أنه بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله، ومناسبته له أن عين الحائض والنُّفساء طاهرة، لأن ثوبه -صلى الله عليه وسلم- كان يُصيبها إذا سجد ولا يضرُّه ذلك.