وفي رواية عمار عند أبي داود وغيره أن العقد المذكور كان من جَزْع ظُفَار، وكذا في قصة الإفك الآتية، والجزع بفتح الجيم وسكون الزاي، خرز يمنيّ، وظفار مدينة تقدم الكلام عليها في باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض.
وفي هذا الحديث جواز السفر بالنساء، واتخاذهن الحلي تجملًا لأزواجهن، وجواز السفر بالعارية، وهو محمول على رضا صاحبها. وقوله: على التماسه، أي لأجل طلبه، فعلى أجلية كقوله تعالى:{لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[الحج: ٣٧] أي لأجل هدايته لكم، وقوله: ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، كذا للأكثر في الموضعين، وسقطت الجملة الثانية في الموضع الأول من رواية أبي ذَرٍّ واستدل بهذا على جواز الإِقامة في المكان الذي لا ماء فيه. وكذا سلوك الطريق التي لا ماء فيها. قيل: وفيه نظر، لأن المدينة كانت قريبة منهم، وهم على قصد دخولها.
قلت: هذا لا ينفي الإقامة على غير ماء، مع أنّ كونهم على القرب منها قاصدين الدخول فيها، ليس في جميع الروايات، بل في رواية واحدة، فلا يحكم بها على كل الروايات. ويحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام لم يعلم بعدم الماء في الركب، وإن كان قد علم بأن المكان لا ماء فيه. ويحتمل أن يكون قوله "ليس معهم ماء" أي للوضوء، وأما ما يحتاجون إليه للشرب، فيحتمل أن يكون معهم، والماء للوضوء محتمل لجواز إرسال المطر أو نبع الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم-، كما وقع في مواطن أخرى.
وفيه اعتناء الإِمام بحفظ حقوق المسلمين، وإن قلت. فقد نقل ابن بطال أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهمًا، ويلتحق بتحصيل الضائع الإقامة للحوق المنقطع، ودفن الميت ونحو ذلك من مصالح الرعية. وفيه الإِشارة إلى ترك إضاعة المال وقوله: فأتى الناس إلى أبي بكر، فيه شكوى المرأة إلى أبيها وإن كان لها زوج، وكأنهم إنما شكوا إلى أبي بكر لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان نائمًا، وكانوا لا يوقظونه. وقوله: ألا ترى، بإثبات همزة الاستفهام الداخلة على لا،