"طهورًا" طاهرًا للزم تحصيل الحاصل، واستدل به على أن التيمم يرفع الحدث، لاشتراكهما في هذا الوصف، وفيه نظر، ويأتي ما فيه.
وقوله: فأيما رجلٌ أي مبتدأ فيه معنى الشرط. وما زائدة للتأكيد. واستدل بقوله طهورًا على أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض، وقد أكد في رواية أبي أُمامة بقوله:"وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدًا وطهورًا" وهو قول مالك وأبي حنيفة ويحيى بن سعيد الأنصاريّ وابن خزيمة، ورواية عن أحمد وعند الشافعية. والرواية الأخيرة عن أحمد لابد من التراب التي يعلق منها شيء باليد، محتجين بقوله تعالى {وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦] جاعلين مِنْ للتبعيض، وجعلها الأولون لابتداء الغاية، أو صلة، بدليل حذفها في آية النساء، واحتج الأولون بما مرَّ وبعموم "فأيما رجل" فإنه يتناول جميع أجزاء الأرض، لقوله في الجواب "فليصل" يعني بعد أن يتيمم، ولا يقال هو خاص بالصلاة؛ لأنا نقول، لفظ حديث جابر مختصر، وفي رواية أبي أُمامة عند البيهقيّ فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة وجدَ الأرض طهوراً ومسجدًا. وعند أحمد "فعنده طهوره ومسجده". وفي رواية عمرو بن شعيب "فأينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت". وقد مرَّ قريبًا بيان أن معنى طهورًا في الحديث مطهر لا طاهر، واحتج ابن خزيمة لجواز التيمم بالسبخة، التي هي غير منبتة، بحديث عائشة في شأن الهجرة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال:"أُريت دار هجرتكم سبخة ذات نخل" يعني المدينة. قال: وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة طيبة، فدل على أن السبخة داخلة في الطيب، واحتج من خص التيمم بالتراب بحديث حذيفة عند مسلم بلفظ "وجُعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء" وهذا خاص، فينبغي أن يحمل العام عليه، فتختص الطهورية بالتراب.
ودل الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدًا دون الآخر على افتراق الحكم، وإلا لعطف أحدهما على الآخر نسقًا كما في حديث الباب. ومنع بعضهم الاستدلال بلفظ التربة على خصوصية التيمم بالتراب، بأن