الإعادة، وعطاء المراد به ابن أبي رباح، وقد مرَّ في التاسع والثلاثين من كتاب العلم.
ثم قال: وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم، أي كذلك يتيمم إذا خاف من الماء ضررًا، وإن وجد معينًا. وروى ابن أبي شيبة عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا: لا يتيمم ما رجا أن يقدر على الماء في الوقت، ومفهومه يوافق ما قبله، والتعليق المذكور وصله إسماعيل القاضي في الأحكام من وجه صحيح، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه موصولًا معنى ما ذكره البخاريّ معلقًا، وقد مرَّ الحسن في الرابع والعشرين من الإِيمان.
ثم قال: وأقبل ابن عمر من أرضه بالجُرُف، فحضرت العصر بِمَرْبَد الغنم، فصلى ثم دخل المدينةَ والشمس مرتفعة، فلم يعد. والجُرُفُ، بضم الجيم والراء وقد تسكن، ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض، والمراد به هنا موضع ظاهر المدينة كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو، وهو على فرسخ من المدينة. والمِرْبَد بكسر الميم وسكون الراء ثم موحدة مفتوحة، وحكى ابن التين أنه روي بفتح الميم، موضع تحبس فيه الإبل والغنم على ميل أو ميلين من المدينة.
وقوله: فصلى يعني بعد أن تيمم. كما في رواية مالك الآتية في الموطأ ورواية الشافعيّ. وقوله:"فَلم يُعد" أي الصلاة، وهذا يدل على أن ابن عمر كان يرى جواز التيمم للحاضر؛ لأن مثل هذا لا يسمى سفرًا، وبهذا يناسب الترجمة. وظاهره أن ابن عمر لم يراع خروج الوقت، لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أن يكون ظن أنه لا يصل إلاّ بعد خروج الوقت، ويحتمل أن يكون تيمم لا عن حدث، بل لأنه كان يتوضأ لكل صلاة استحبابًا، فلعله كان على وضوء فأراد الصلاة فلم يجد ماء كعادته، فاقتصر على التيمم بدل الوضوء. وعلى هذا فليس مطابقًا للترجمة إلاّ بجامع ما بينهما من التيمم في الحضر. قاله في الفتح.
قلت: هذا التأويل بعيد جدًا؛ لأنه لم ينقل عن أحد أن تجديد الوضوء