للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم طرأ عليه فيه تخليطٌ فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهلِ الحِذق كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي حاتم، وأبي زرعة فهو من صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيُتَوَقَّفُ فيه والأحاديث التي رواها البخاري عنه في الصحيح بصيغة "حدثنا"، أو "قال لي"، أو "قال" المجردة قليلة، وساق منها تسعةً، ثم قال: وأما التعليق عن الليث من رواية عبد الله بن صالح عنه فكثير جدًّا، وقد عاب ذلك الإِسماعيلي على البخاري، وتعجب منه كيف يحتج بأحاديثه حيث يُعَلِّقُها؟ فقال: هذا عجب يحتَجُّ به إذا كان منقطعًا ولا يحتج به إذا كان متصلًا.

وجواب ذلك أن البخاري إنما صنع ذلك لما قررناه أن الذي يورده من أحاديثه صحيحٌ عنده، قد انتقاه من حديثه، لكنه لا يكون على شرطه الذي هو أعلى شروط الصحة، فلهذا لا يسوقه مساقَ أصل الكتاب، وهذا اصطلاح له قد عُرِفَ بالاستقراء من صنيعه ولا مشاحة فيه.

روى عن الليث، ومعاوية بن صالح، وموسى بن عُلَيٍّ -بضم العين وفتح اللام- ويحيى بن أيوب، وغيرهم.

وروى عنه يحيى بن معين، والبخاري، والترمذي في القراءة خلف الإِمام، مات سنة ثلاث وعشرين ومئة.

وأما أبو صالح الآخر الذي حمله بعض الشُرّاح عليه عبد الغفار بن داود ابن مهران بن زياد بن داود بن ربيعة بن سليمان بن عُمير البكريُّ الحراني، قال أبو حاتم: لا بأس به، صدوق، وذكر ابن حبان في الثقات، وقال ابن يونس: كان فقيهًا على مذهب أبي حنيفة، وكان ثقة ثبتًا حسن الحديث، وكان يجالس المأمون لَمّا قَدِمَ مصر، وله معه أخبار، وقال ابن عدي: كان كاتب ابن لهيعة وفي الزهرة أنه له في البخاري ثلاثة أحاديث، ولد بإفْرِيقِيَّةَ سنة أربعين ومئة، وخرج به أبوه وهو طفل إلى البصرة، وكانت أمه من أهلها فنشأ بها، وتفقه وسمع من حماد بن سَلَمة، ثم رجع إلى مصر مع أبيه، وسمع من الليث بن سعد، وابن لهيعة، وغيرهما، وسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>