للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّطِيحَتَيْنِ وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْعَزَالِىَ، وَنُودِىَ فِي النَّاسِ: اسْقُوا وَاسْتَقُوا. فَسَقَى مَنْ شَاءَ، وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ: "اذْهَبْ، فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ". وَهْىَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "اجْمَعُوا لَهَا". فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا. قَالَ لَهَا: "تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَسْقَانَا". فَأَتَتْ أَهْلَهَا، وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ. فَقَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنَةُ؟ قَالَتِ الْعَجَبُ، لَقِيَنِي رَجُلاَنِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِىءُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ. وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ: تَعْنِى السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِى هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَدَعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِى الإِسْلاَمِ؟ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ.

قوله: كنا في سفر، اختلف في تعيين هذا السفر، ففي مسلم عن أبي هريرة، أنه وقع عند رجوعهم من خيبر قريبٌ من هذه القصة. وفي أبي داود عن ابن مسعود "أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحُدَيبيةِ ليلًا، فنزل فقال: مَن يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا ... الحديث". وفي الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلًا "عرّس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلةً بطريق مكة، ووكّل بلالًا" وفي مصنف عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلًا أن ذلك كان بطريق تبوك. وللبيهقيّ في الدلائل نحوه، عن عقبة بن عامر. وروى مسلم حديث أبي قتادة في نومهم عن صلاة الصبح مطولًا، ورواه البخاريّ في الصلاة مختصرًا، ولم يعينا.

وفي رواية لأبي داود أن ذلك كان في جيش الأُمراء، وتعقب بأن جيش

<<  <  ج: ص:  >  >>