سوى فم واحد. وقوله: وأوكأ أفواههما، أي ربط. وقوله: وأطلق العَزَالي: أي فتح، والعزالي، بفتح المهملة والزاي وكسر اللام، ويجوز فتحها وفتح الياء، جمع عزلاء، بإسكان الزاي والمد، أي فم المزادتين الأسفل، وهي عُرْوتها التي يخرج منها الماء بسعة، ولكل مزادة عزلاوان من أسفلها. وزاد الطبرانيّ والبيهقيّ من هذا الوجه "فتمضمض في الماء وأعاده في أفواه المزادتين" وبهذه الزيادة تتضح الحكمة في ربط الأفواه بعد فتحها، ويعرف منها أن البركة إنما حصلت بمشاركة ريقه الطاهر المبارك للماء.
قلت: صب عليه الصلاة والسلام من غير المحل الذي خالطه ريقه، لتبقى بركة ريقه مخالطة للماء، فلا يخرج الريق من الماء، فتزول عنه البركة. وقوله: أسقوا بهمزة قطع مفتوحة، من أسقى، أو بهمزة وصل مكسورة من سَقى، أي أسقوا غيركم، كالدوابّ. وقوله: واستقوا، أي اشربوا أنتم، فالفرق بين استقى وسقى هو أن الأول سقيه لنفسه والثاني سقيه لغيره من ماشيته ونحوها. وقيل فيهما بالعكس، وقيل إنهما بمعنى، والأول أصح. وقوله: وكان آخر ذلك "أن أعطى" يجوز في آخر النصب على أنه خبر كان مقدمًا، والرفع على أن "أن أعطى" هو الخبر، والأول، كما قال أبو البقاء، أقوى؛ لأنّ أن والفعل أعرف من المعرف بالإِضافة، وقد قرئ {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا}[العنكبوت: ٢٩] بالوجهين، واستدل بهذه القصة على تقديم مصلحة شرب الآدمي والحيوان على غيره، كمصلحة الطهارة بالماء لتأخير المحتاج إليهما عمن سقى واستقى. ولا يقال وقع في رواية سَلَم بن زرير "غير أنّا لم نسق بعيرًا" لا نقول هو محمول على أن الإِبل لم تكن محتاجة إذ ذاك للسقي، فيحمل قوله "فسقى" على غيرها.
وقوله: فأفرغه، بهمزة قطع في أفرغه، وقوله: وأيمُ الله، بفتح الهمزة وكسرها والميم مضمومة، أصله أَيْمُنُ الله، وهو اسم وُضع للقسم هكذا، ثم حذفت منه النون تخفيفًا وألفه ألف وصل مفتوحة، ولم يجىء كذلك غيرها. وهو مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، والتقدير: أيْمُ الله قسمي. وفيها لغات كثيرة