للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين، ورجحه عياض ومن تبعه، واحتج بأنه لا خلاف أن خديجة صلّت معه بعد فرض الصلاة، ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة، إما بثلاث أو نحوها، وإما بخمسٍ، ولا خلاف أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء. وفي جميع ما نفاه من الخلاف نظر، أما أولًا، فإن العسكريّ حكى أنها ماتت قبل الهجرة بسبع سنين وقيل بأربع، وحكى العسكريّ عن الزهريّ أنها ماتت لسبع مضين من البعثة، وظاهره أن ذلك، قبل الهجرة بست سنين، وفرعه العسكري على قول من قال: إن المدة بين البعثة والهجرة كانت عشرًا، أو عن ابن الأعرابيّ أنها ماتت عام الهجرة.

وإمّا ثانيًا، فإنّ فرض الصلاة اختلف فيه، فقيل: كان من أول البعثة، وكان ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وإنما الذي فرض ليلة الإسراء الصلوات الخمس. قلت: ويؤيد هذا ما مرَّ عن شداد بن أوس "صليت صلاة العتمة" فإنه يدل على أن الصلاة كانت قبل الإسراء، وإما ثالثًا، ففي حديث عائة الجزم بأن خديجة ماتت قبل أن تفرض الصلاة، فالمعتمد أن مراد من قال، بعد أن فرضت الصلاة، ما فرض قبل الصلوات الخمس، إن ثبت ذلك. ومراد عائشة بقولها: ماتت قبل أن تفرض الصلاة "أي الخمس" فيجمع بين القولين بذلك، ويلزم منه أنها ماتت قبل الإسراء.

والعروج إلى السماء. قيل: إنه كان على البراق كما كان الإسراء. وقيل: إنه لم يكن على البراق، بل رقى في المعراج، وهو السُّلّم، كما جاء مصرحاً به في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق والبيهقيّ في الدلائل، ولفظه "فإذا أنا بدابة كالبغل ... الأذنين، يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته، فذكر الحديث. قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصليت ثم أُتيت بالمعراج. وفي رواية ابن إسحاق: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" لما فرغت مما كان في بيت المقدس أُتي بالمعراج، فلم أرَ قطُّ شيئًا كان أحسن منه، وهو الذي يمد إليه الحيت عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء ... الحديث" وفي رواية "فوضعت له مَرقاة من فضة، ومرقاة

<<  <  ج: ص:  >  >>