مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- جماعةٌ من الصحابة، لكن طرقه في الصحيحين تدور على أنس، مع اختلاف أصحابه عنه، فرواه الزُّهريَّ عنه عن أبي ذَرٍّ كما في هذا الباب، ورواه قتادة عنه عن مالك بن صعصعة في السيرة النبوية قبل الهجرة بقليل، ورواه شريك بن أبي غُر وثابت البناني عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا واسطة، وفي سياق كل منهم عنه ما ليس عند الآخر، والغرض من إيراده هنا ذكر فرض الصلاة، ونذكر الكلام على اختلاف طرقه، وتغاير ألفاظها، وكيفية الجمع بينها.
وقوله: فُرِج سقف بيتي وأنا بمكة، أي بضم الفاء والجيم أي: فُتح، والحكمة في أن المَلَك انصب إليه من السماء انصبابة واحدة، ولم يعرج على شيء سواه مبالغة في المناجاة، وتنبيهًا على أن الطلب وقع على غير ميعاد. ويحتمل أن يكون السر في ذلك التمهيد لما وقع من شَقّ صدره، فكأن المَلَكَ أراه بانفراج السقف، والتئامه في الحال، كيفية ما سيصنع به لُطفًا به وتثبيتًا به. وقيل: الحكمة في نزوله عليه من السقف، الإشارة إلى المبالغة في مفاجأته بذلك، والتنبيه على أن المراد منه أن يعرج إلى جهة العلوّ.
وفي رواية مالك بن صعصعة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحِجر، مضطجعًا" والشك من قتادة، كما بينه أحمد عن عفّان عن همّام ولفظه "بينا أنا نائم في الحطيم" وربما قال قتادة في الحِجر والمراد بالحطيم هنا الحِجر، وأبعد من قال المراد به ما بين الركن والمقام، أو بين زمزم والحجر، وهو إن كان مُخْتَلَفًا فيه، هل هو الحجر أم لا، كما يأتي، إن شاء الله تعالى، في بنيان الكعبة، لكن المراد هنا بيان البقعة التي وقع ذلك فيها، ومعلوم أنها لم تتعدد، لأن القصة متحدة، لاتحاد مخرجها.