رواية مالك بن صعصعة:"وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران. فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات"، وفي بدء الخلق: فإذا في أصلها، أي في أصل سدرة المنتهى أربعة أنهار. ولمسلم: يخرج من أصلها، وفي مسلم أيضًا عن أبي هريرة: أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسَيْحان وجَيْحان.
وقوله: فنهران في الجنة، قال ابن أبي جمرة فيه: إن الباطن أجلّ من الظاهر، لأن الباطن جعل في دار البقاء، والظاهر جعل في دار الفناء. ومن ثَمّ كان الاعتماد على ما في الباطن، كما قال عليه. الصلاة والسلام "إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم". وقوله: فالنيل والفرات، أي بالمثناة في الخط في حالتي الوصل والوقف في القراآت المشهورة، وجاء في قراءة شاذة إنها هاء تأنيث، وشبهها أبو المظفر بن الليث بالتابوت والتابوه. وفي رواية شريك الآتية في التوحيد، أنه رأى في السماء الدنيا نهرين يطَّردان، فقال جبريل: هما النيل والفرات، عنصرهما. والجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد بالعُنصر عنصر امتيازهما بسماء الدنيا، كذا قيل. وفي حديث شريك أيضًا. ومضى به يرقى السماء، فإذا هو بنهر آخر، عليه قصر من لؤلؤ وزَبَرجد، فضرب بيده فإذا هو مِسْكٌ أَذْفَر، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خَبّأ لك ربك.
وفي رواية يزيد بن أبي مالك، عن أنس عند ابن أبي حاتم: أنه بعد أن رأى إبراهيم قال: ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة، حتى انتهى إلى نهر عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعليه طير خُضْر أنعم طيرٍ رأيت. قال جبريل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله، فإذا فيه آنية الذهب والفضة، يجري على رَضْرَاض من الياقوت والزُّمرد، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، فأخذت من آنية، فاغترفت من ذلك الماء فشربت، فإذا هو أحلى من العسل، وأشد رائحة من المسك. وفي حديث أبي سعيد: فإذا فيها عينٌ تجري، يقالَ لها السَّلْسبيل،