أخرجه الطبرانيّ والبيهقيّ في الدلائل، والطبريّ في التهذيب، وأبو نعيم في المعرفة والدلائل عن ابن عباس. قال: حدثني أبي العباس بن عبد المطلب قال: لما بنت قريش الكعبة انفردتْ رَجُلبن رَجُلين ينقلون الحجارة، فكنت أنا وابن أخْي، فجعلنا نأخذ أُزرنا فنضعها على مناكبنا، ونجعل عليها الحجارة، فإذا دنونا من الناس لبسنا أُزرنا، فبينا هو أمامي، إذ صرع، فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء، فقلت لابن أخي: ما شأنك؟ قال: نهيت أن أمشي عُريانًا. قال: فكتمته حتى أظهر الله نبوّته.
وأخرج الحاكم والطبرانيّ عن عبد الرزاق قال: كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرَّضَم، ليس فيها مَدَر، وكانت قدر ما يقتحمها العناق، وكانت ثيابها توضع عليها، تسدل سدلًا، وكانت ذات ركنين كهيئة هذه الحلقة، فأقبلت سفينة من الروم، حتى إذا كانوا قريبًا من جُدّة، انكسرت فخرجت قريش لتأخذ خشبها، فوجدوا الروميّ الذي فيِها نجارًا، فقدموا به والخشب ليبنوا به البيت، فكانوا كلما أرادوا القرب منه لهدمه بدت لهم حية فاتحة فاها، فبعث الله عليها طيرًا أعظم من النَّسر فغرز مخالبه فيها، فالقاها نحو أجياد، فهدمت قريش الكعبة، وبنوها بحجارة الوادي، فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا، فبينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يحمل الحجارة من أجياد، وعليه نَمِرَة، فضاقت عليه النمرة، فذهب بعضها على عاتقه، فبدت عورته من صغرها، فنودي: يا محمد، خمِّر عورتك، فلم ير عُريانًا بعد ذلك. وكان بين ذلك وبين المبعث خمس سنين.
قال معمر: وأما الزُّهري فقال: لما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحُلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة، فاحترقت فتشاورت قريش في هدمها، وهابوه، فقال الوليد إن الله لا يهلك من يريد الإصلاح، فارتقى على ظهر البيت ومعه العباس، فقال: اللهم لا نريد إلَّا الإصلاح، ثم هدم، فلما رأوه سالمًا تابعوه. والرَّضْمَ بالسكون ويحرك، وككتاب، صخور عظام يرضَم بعضُها فوق بعض في الأبنية. وعند الطبرانيّ عن أبي الطُّفيل أن اسم النجار المذكور "باقوم".وللفاكهيّ عن ابن جُريج قال: وكان يتجر إلى بَنْدرٍ وراء