جرهد بن رَزاح، ثم قال: هذا وهم، وهو رجل واحد مِن أسْلَم، لا تكاد تثبت له صحبة.
الثالث: محمد بن عبد الله بن جحش الأسديّ، يكنى أبا عبد الله، وهو ابن أخي زينب أم المؤمنين لأمه فاطمة بنت حبيش صحبة، وذكر الواقديّ أنه ولد قبل الهجرة بخمس سنين. قُتل أبوه بأُحُد، فأوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاشترى له مالًا بخيبر، وأقطعه دارًا بالمدينة بسوق الرقيق. وأخرج البغويّ عن سعيد بن المسيَّب أن عمر كتب أبناء المهاجرين ممن شهد بدرًا في أربعة آلاف، منهم محمد بن عبد الله بن جحش. وقال ابن عبد البر: هاجر مع أبيه وعمَّيْه إلى أرض الحبشة، ثم هاجر من مكة إلى المدينة مع أبيه، له صحبة ورواية، روى عنه مولاه أبو كثير حديثًا حسنًا في أن "المؤمن لا يدخل الجنة وإن رزق الشهادة حتى يُقضى دينُه".
وأخرج الزبير بن بكّار من طريق أبي كثير، مولى محمد بن عبد الله بن جحش: سمعتُ محمد بن عبد الله بن جحش، وكانت له صحبة، فذكر الحديث في التشديد في الدَّين، وفي فضل الجهاد. وأخرجه أحمد وابن أبي خَيثمة والبغويّ وغيرهم. روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن عمتيه حَسْنَة وزَينب، وعن عائشة، وروى عنه ابنه إبراهيم، ومولاه أبو كثير، والمعلّى بن عرفان ومحمد بن عبد الله كثير في الستة، وفي الصحابة محمد بن عبد الله سواه خمسة.
ثم ذكر البخاريّ فقال. وقال أنس: حَسَر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه. قوله؛ حَسَرَ، بمهملات مفتوحات، أي كشف، وهذا التعليق وصله البخاريّ، قريبًا، وأنس بن مالك قد مرّ في السادس من كتاب الإِيمان. ثم قال المصنف: وحديث أنس أَسْنَد، وحديث جرهد أَحْوَط حتى يخرج اختلافهم، يعني أن حديث أنس أصح إسنادًا، كأنه يقول: حديث جرهد، ولو قلنا بصحته، فهو مرجوح بالنسبة إلى حديث أنس، وحديث جرهد وما معه أحوط للدَّين، وهو يحتمل أن يريد بالاحتياط الوجوب أو الورع، وهو أظهر لقوله "حتى يَخْرُج من اختلافهم" ويخرج بفتح الياء وضم الراء، وروي بالعكس. وفي رواية بفتح