في التقدير: كان مقصوده بينه وبين قبلته. وقيل هو على حذف مضاف، أي عظمة الله أو ثواب الله. وقال ابن عبد البر: هو كلام خرج على التعظيم لشان القبلة.
وقد نزع به بعض المعتزلة القائلين بأن الله في كل مكان، وهو جهل واضح, لأن في الحديث أنه بزق تحت قدمه، وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته، فما تُؤول به هذا جاز أن يؤول به ذلك، وهذا التعليل يدل على أن البزاق في القبلة حرام، سواء كان في المسجد أم لا, ولاسيما من المصلّي، فلا يجري فيه الخلاف في أن كراهية البزاق في المسجد هل في للتنزيه أو للتحريم. وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبّان عن حُذيفة مرفوعًا "من تَفَلَ تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه" وفي رواية لابن خزيمة عن ابن عمر مرفوعًا "يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة، وهي في وجهه" ولأبي داود وابن حبّان عن السائب بن خَلاّد "أن رجلًا أمَّ قومًا فبصق في القبلة، فلما فرغ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يصلي لكم" فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم، فمنعوه، وأخبروه بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال: نعم، وحسبت أنه قال: إنك آذيت الله ورسوله.
وفي رواية مسلم "ما بال أحدكم يقوم يستقبل ربه عز وجل، فيتنخع أمامه؟ أيحب أن يُسْتَقبل فيتنخَّعُ في وجهه؟ ... " الحديث. وقوله: فلا يبزقنَّ بنون التوكيد الثقيلة، وللأصيليّ "فلا يبزق" وقوله: قِبَل قبلته، بكسر القاف وفتح الموحدة، أي جهة قبلته. وقوله: أو تحت قدمه، بالإفراد، أي اليسرى كما في حديث أبي هريرة في الباب الذي بعده. وزاد أيضًا من طريق همّام عن أبي هريرة "فيدفنها" كما يأتي بعد أربعة أبواب.
وقوله: ثم أخذ طرف ردائه ... إلخ، فيه البيان بالفعل، ليكون أوقع في نفس السامع. وظاهر قوله "أو يفعل هكذا" أنه غير بين ما ذكر، لكن يأتي بعد خمسة أبواب أن المصنف حمل هذا الأخير على ما إذا بدره البزاق، وعلى هذا فالحديث للتنويع.