للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة لأبي ذَرٍّ برفعه بالموحدة الجارة وسكون الفاء.

وقوله: فارفعه أنت عليّ .. لا، أي لا أرفعه عليك، وإنما فعل عليه الصلاة والسلام ذلك معه تنبيهًا له على الاقتصاد، وترك الاستكثار من المال. وقوله على كاهله، أي بين كتفيه. وقوله: يُتبعه، بضم أوله من الاتباع. وقوله: عجبًا من حرصه، أي بفتح العين والجيم وبالنصب، مفعولًا مطلقًا. وقوله: وثَمَّ منها دِرهم، أي بفتح المثلثة، أي هناك، وهي جملة حالية من مبتدأ مؤخر، وهو درهم، والخبر منها، ومراده نفي أن يكون هناك درهم، فالحال قيد للمنفي لا للنفي، فالمجموع منتف بانتفاء القيد لانتفاء المقيد.

وفي الحديث بيان كرمه -صلى الله عليه وسلم-، وعدم التفاته إلى المال قَلَّ أو كثر، وأن الإِمام ينبغي أن يفرق مال المصالح في مستحقيها, ولا يؤخره. وموضع الحاجة منه هنا، جواز وضع ما يشترك المسلمون فيه من صدقة ونحوها في المسجد، ومحله ما إذا لم يمنع مما وضع له المسجد من الصلاة وغيرها، مما بني المسجد لأجله، ونحو وضع هذا المال وضع زكاة الفطر فيه، ويستفاد منه جواز ما يعم نفعه في المسجد كالماء لشرب من يعطش، ويحتمل التفرقة بين ما يوضع للتفرقة وبين ما يوضع للخزن، فيمنع الثاني دون الأول.

واستدل به ابن بطال على جواز إعطاء بعض الأصناف من الزكاة، ولا دلالة فيه؛ لأن المال لم يكن من الزكاة، وعلى تقدير كونه منها فالعباس ليس منها، وقيل إنما أعطاه من سهم الغارمين، والحق أن المال المذكور كان من الخراج أو الجزية، وهما من مال المصالح، ولم يذكر البخاري في الباب حديث القِنو، فقال ابن بطال: أغفله، وقال ابن التين: أُنسيه، وليس كما قالا، بل أخذه من جواز وضع المال في المسجد، بجامع أن كلاًّ منهما وضع لأخذ المحتاجين منه، وأشار بذلك إلى ما رواه النَّسائي عن عوف بن مالك الأشجعي قال "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبيده عصا، وقد علق رجل قِنوَ حَشَف، فجعل يطعن في ذلك القنو ويقول: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق باطيب من هذا" وليس على شرطه، وإن كان إسناده قويًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>