قوله: مشركي الجاهلية، أي دون غيرها من قبور الأنبياء وأتباعهم، والاستفهام في قوله "هل" للتقرير، كقوله تعالى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْر}[الإنسان: ١] أي: يجوز نبشها, لأنها لا حرمة لها. وقوله: ويتخذ مكانها مساجد، أي بالنصب مفعولًا ثانيًا ليُتّخذ، المبني للمفعول، ومكانها بالرفع نائب عن الفاعل. وفي رواية "مساجدُ" بالرفع نائب عن الفاعل، ومكانها نصب على الظرفية، ويتخذ حينئذ متعدٍ إلى مفعول واحد.
وقوله: لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ... إلخ، ووجه التعليل هو أن الوعيد على ذلك يتناول من اتخذ قبورهم مساجد، تعظيمًا ومغالاة، كما صنع أهل الجاهلية، وجرَّهم ذلك إلى عبادتهم. ويتناول من اتخذ أمكنة قبورهم مساجد بأن تنبش وترمى عظامهم، وهذان يختصان بالأنبياء ويلتحق بهم أتباعهم، وأما الكفرة فلا حرج في نبش قبورهم، إذ لا حرمة في إهانتهم، ولا يلزم من اتخاذ المساجد في أمكنتها تعظيمهم، فعرف بهذا أنْ لا تعارض بين فعله عليه الصلاة والسلام في نبش قبور المشركين، واتخاذ مسجده مكانها، وبين لعنه، عليه الصلاة والسلام، من اتخذ قبور الأنبياء، لما تبين من الفرق.
والمتن الذي أشار إليه، وصله في باب الوفاة، في آخر المغازي عن عائشة بهذا اللفظ، ووصله في الجنائز، وزاد فيه "والنصارى" وذكره في عدة مواضع من طرق أخرى بهذه الزيادة، واستشكلت هذه الزيادة بأنّ النصارى ليس لهم نبي إلا عيسى بن مريم، ولم يقروا بنبوته، بل بإلهيته أو بنبوته، ولم يمت، ولم يدفن. ويأتي الباب التالي لباب الصلاة في البِيعة حيث ذكرتِ الزيادةُ هناك الجوابَ عما ذكر.
وقوله: وما يكره من الصلاة في القبور، يتناول ما إذا وقعت الصلاة على القبر أو إلى القبر أو بين القبرين، وفي ذلك حديث رواه مسلم عن أبي مرثد الغنويّ، مرفوعًا "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها أو عليها" وليس على شرطه، فأشار إليه في الترجمة. وقوله: وما يكره، عطف على "هل تنبش" واستشكل عطف الجملة الخبرية على جملة الاستفهام الطلبية، وأجيب بأن