الضمريّ، ومن طريق عبد الواحد بن أبي عَون قال: لما بلغ أبا سفيان أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته، قال: هو الفحل لا يقاع أنفه. وقيل: نزلت في ذلك {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}[الممتحنة: ٧] وقال ابن عبد البر: إن الذي عقد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمانُ بن عفان. قال ابن حَجَر: وهذا بعيد، فإن ثبت فيكون العقد عليها كان قبل الهجرة إلى المدينة، أو يكون عثمان جدَّده بعد أن قدمت المدينة، وعلى هذا يحمل قول من قال: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنما تزوجها بعد أن قدمت المدينة، رُوي ذلك عن قتادة قال: وعمل لهم عثمان وَليمةً لحمًا وثريدًا.
وفي ما ذُكر عن قتادة، ردٌّ على دعوى ابن حزم الإجماعَ على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما تزوج أم حبيبة وهي بأرض الحبشة، وتبعه على ذلك جماعة فقالوا: لا اختلاف بين أهل السير في ذلك، إلا ما وقع عند مسلم، أنّ أبا سفيان لما أسلم، طلب منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يزوجه إياها، فأجابه إلى ذلك، وهو وهم من بعض الرواة. وفي الجزم بكونه وهمًا نظرٌ، فقد أجاب بعض الأئمة باحتمال أن يكون أبو سفيان أراد تجديد العقد، نعم، لا اختلاف أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم حبيبة قبل إسلام أبي سفيان، وقيل: عقد عليها له النجاشيّ، وأمهرها أربعة آلاف درهم، وبعث بها إليه وجهزها من عنده، وما بعث إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء، وكان مهور سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أربع مئة درهم.
وروى ابن سعد قال: قدم أبو سفيان المدينة، فأراد أن يزيد في الهدنة، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، طوته دونه، فقال: يا بنية، أرغبتِ بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: لقد أصابك بعدي شَر.
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحللينني من ذلك، فحللتها واستغفرت لها، فقالت لي: سَرَرْتني سرك الله. وأرسلت إلى أم سلمة بمثل ذلك، روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث، وعن زينب بنت جحش أم المؤمنين، وروت عنها بنتها