رُدّت إلى المرعى. والمباءة اسم المنزل الذي تأوي إليه الإبل، والمبارك جمع مبرك، وهو موضع بروك الجمل في موضع كان، والمُناخ، بضم الميم، المكان الذي تناخ فيه الإبل، والمرابد، بالدال المهملة، الأماكن التي تحبس فيها الإبل، وغيرها من البقر والغنم، فكل عَطَن مَبْرك، وليس كل مبرك عطن، وعَبر المصنف بالمواضع لأنها أشمل، والمعاطن أخص من المواضع؛ لأن المعاطن مرَّ تفسيرها بأنها مباركها عند الماء خاصة، وذهب بعضهم إلى أن النهي خاص بالمعاطن دون غيرها من الأماكن، التي فيها الإبل. وقيل: هو مأواها مطلقًا. نقله صاحب المغني عن أحمد، وتكره الصلاة في معاطنها عند مالك والشافعي، وبه قال الحسن وإسحاق وأبو ثور، وذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى عدم الكراهة.
وعن أحمد في رواية مشهورة عنه أنه إذا صلى في أعطان الإِبل تفسد صلاته، وهو مذهب أهل الظاهر، وعند المالكية تكره الصلاة فيها ولو أمنت من النجس, بل ولو بسط على المحل شيئًا طاهرًا. والكراهة خاصة عندهم بالعطن دون المبيت والقيلولة، وقيل: تكره فيهما، ومن صلى فيها، فهل يعيد في الوقت سواء كان عامدًا أو جاهلًا أو ناسيًا، أو يعيد الناسي خاصة في الوقت، ويعيد العامد والجاهل بالحكم أبدًا؟ قيل: وجوبًا، وقيل: ندبًا؛ قولان، وهل الكراهة تعيد؟ وهل المختار عند المالكية، أو تعلل؟ قيل: العلة أنها خلقت من الشياطين، كما هو مصرح به في بعض الأحاديث السابقة في الباب الماضي ذِكْرُه آنفًا. وقيل: شدة نفارها، فتعطب من تلاقي حينئذ. وقيل: العلة هي أن عادة أصحاب الإبل التغوّط بقربها استتارًا بها، فتتنجس أعطانها، وعادة أهل الغنم ترك ذلك.
وغلط من قال إن سبب ذلك ما يكون في معاطنها من أبوالها وأرواثها, لأن الغنم تشاركها في ذلك، وإنما ذهب من ذهب إلى كراهة التنزيه جمعًا بين عموم قوله "جُعلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا" وبين الأحاديث المذكورة، يحملها على كراهة التنزيه. ووقع في مسند أحمد عن ابن عمر أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان