قوله: كنائسكم، في رواية الأصيلي كنائسهم، وقوله: من أجل التماثيل، هو جمع تَمثال، بمثناة مفتوحة ثم مثلثة بينهما ميم، وبينه وبين الصورة عموم وخصوصٌ مطلق، فالصورة أعم، وقوله: التي فيها الصور، الضمير عائد على الكنائس، والصور بالجر على البدل من التماثيل، أو بيان لها، أو بالنصب على الاختصاص، أو بالرفع على أن الصور مبتدأ خبره "فيها" السابق، والضمير للكنائس، والجملة صلة الموصول الذي هو صفة للكنائس، لا للتماثيل. وللأصيليّ: والصور، بواو العطف على التماثيل، أي: ومن أجل الصور التي فيها، وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن أسلم مولى عمر. قال: لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعامًا، وكان من عظمائهم، وقال: أُحب أن تجيئني وتكرمني. فقال له عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها، يعني التماثيل. وتبين بهذا أن روايتي الجر والنصب أوجه من غيرهما، والرجل المذكور من عظمائهم اسمه قسطنطين، وعمر قد مرَّ في الأول من بدء الوحي.
ثم قال: وكان ابن عباس يصلي في البِيعة إلاّ بيعة فيها تماثيل. أي: فلا يصلي فيها، والأثر أخرجه البغويّ في الجعديات، وزاد فيه "فإذا كان فيها تماثيل، خرج فصلى في المطر". وكره الحسن البصريّ الصلاة فيها، وكذا مالك، وسواء عنده كانت عامرة أو دارسة، ما لم يضطر إلى النزول فيها, لبرد أو نحوه، فلا كراهة. وقبل: تكره في العامرة ولو اضطر للنزول فيها, ولا إعادة عليه إذا صلى في الدارسة مطلقًا، وكذا في العامرة إن اضطر للنزول فيها، أو صلى على فراش طاهر. ولم ير الشعبيُّ وعطاء بن أبي رباح وابن سيرين بالصلاة في الكنيسة بأسًا، وصلى أبو موسى الأشعريّ وعمر بن عبد العزيز في الكنيسة. وابن عباس قد مرَّ في الخامس من بدء الوحي.